الأحد، 30 أكتوبر 2011

الإيمان بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآدابه

    يؤمن المسلم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي كل مسلم مكلف قادر علم بالمعروف ورآه متروكاً ، أو علم بالمنكر ورآه مرتكباً وقدر علي الأمر أو التغيير بيدة أو بلسانه
    وإنه من أعظم الواجبات الدينية  بعد الإيمان بالله تعالي إذ ذكره الله تعالي في كتابه العزيز مقروناً بالإيمان به عز وجل ، فقال تعالي : ( كنتم أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران : 110 ، و ذلك للأدلة النقلية السمعية المنطقية الآتية :
الأدلة النقلية :
1-     1 أمرة تعالي به في قوله : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) آل عمران : 104
2-     إخباره تعالي عن أهل نصرته وولايته بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في قوله  (  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) الحج : 41 ، وفي قوله : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ) التوبة 71 ، وفي قوله سبحانة فيما أخبر به عن وليه عليه السلام  وهو يعظ ابنه : ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر وأصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان : 17 ، وفي قوله تعالي فيما نعاه علي بني إسرائيل :( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه -لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة  : 78-79 ، وفي قوله تعالي فيما ذكره عن بني إسرائيل من أنه تعالي نجي الآمرين بالمعروف والتاهين عن المنكر وأهلك الناركين لذلك : ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) الأعراف :165 ،
3-     أمر الرسول صلي الله عليه وسلم به في قوله : " من راي منكم منكراُ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وفي قوله : ( لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم "
4-     إخبارة صلي الله عليه وسلم : ( ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعلوا ، إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ) ، وفي قوله لأبي ثعلبه الخشني لما سأله عن تفسير قوله تعالي : ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم ) المائدة : 105 ، فقال : ( يا ثعلبه ، مر بالمعروف و أنه عن المنكر ، فإذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعاً ودنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم للمتمسك فيها بمثل الذي أنتم عليه أجر خمسين منكم قيل بل منهم يا رسول الله قال : لا بل منكم لأنكم تجدون علي الخير أعواناً ولا يجدون عليه أعواناً ، وقوله صلي الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من  أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( عندما سئل عن أفضل الجهاد ، فقال " كلمة حق عند سلطان جائر ) .
الأدلة العقلية
1-     لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة ان المرض إذا أهمل ولم يعالج استشري في الجسم وعسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه ، وكذلك المنكر إذا ترك فلم يغير فإنه لا يلبث أن يألفه الناس ويفعله كبيرهم وصغيرهم وعندئذ يصبح من غير السهل تغيره أو إزالته ، ويومها يستوجب فاعلوه العقاب من الله ، العقاب الذي لا يمكن أن يتخلف  بحال ، إذ أنه من جار علي سنن الله تعالي التي لا تتبدل ولا تتغير : ( فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر : 43 .
2-     حصل بالمشاهدة أن المنول إذا أهمل ولم ينظف ولم تبعد منه النفايات والوساخ فترة من الزمان يصبح غير صالح للسكن إذ تتعفن ريحه ويتسمم هواؤه وتنتشر فيه الجراثيم والأوبئة لطول ما تراكمت فيه الأوساخ وكثره ما تجمعت القاذورات وكذلك الجماعة من المؤمنين إذا أهمل فيهم المنكر فلا يتغير والمعروف فلم يؤمر به لا يلبثوا أن يصحوا خبثاء الأرواح شريري النفوس لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ويؤمئذ يصبحون غير صالحين للحياة فيهلكهم الله بما شاء من أسباب ووسائط و إن بطش ربك لشديد عزيز ذو انتقام
3-     عرف بالملاحظة أن النفس البشرية تعتاد القبيح فيحسن عندها ، وتألف الشر فيصبح طبيعة لها فذلك شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن المعروف إذا ترك ولم تؤمر به ساعة  تركه لا يلبث الناس أن يعتادوا تركه ويصبح فعله عندهم من المنكر وكذلك المنكر إذا لم يبادر إلي تغييره و إزالته لم يمض يسير من الزمن حتى يكثر وينتشر ، ثم يعتاد ويؤلف ، ثم يصبح في نظر مرتكبيه غير منكر بل يرونه هو المعروف بعينه ، وهذا هو انطماس البصيرة والمسح الفكري والعياذ بالله تعالي من اجل هذا أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و أوجباه فريضة علي المسلمين إبقاء لهم علي طهرهم وصلاحهم ومحافظة لهم علي شرف مكانتهم بين الأمم والشعوب .
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1-     أن يكون عالماً بحقيقة ما يأمر به من أنه معروف في الشرع ، وانه قد ترك بالفعل ، كما يكون عالماً بحقيقة المنكر الذي ينهي عنه ويريد تغييره و أن يكون قد ارتكب حقيقة و أنه مما ينكر الشرع من المعاصي والمحرمات
2-     أن يكون روعا لا يأتي الذي ينهي عنه ولا يترك الذي يأمر به لقوله تعالي : " يأأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف : 2-3 ، وقوله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) البقرة : 44
3-     أن يكون حسن الخلق ، حليماً  يأمر بالرفق وينهي باللين ، لا يجد في نفسه إذا ناله سوء ممن نهاه ، ولا يغضب إذا لحقه أذي ممن أمره ، بل يصبر ويعفو ويصفح لقوله تعالي : ( و أمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
4-     ألا يتعرف إلي المنكر بواسطة التجسس ، إذ لا ينبغي لمعرفة المنكر أن يتجسس علي الناس في بيوتهم أو يرفع ثياب أحدهم ليري ما تحتها أو يكشف الغطاء ليعرف ما في الوعاء إذ الشرع أمر يستر عورات الناس ونهي عن التحسس عنهم والتجسس عليهم ، قال تعالي : ( ولا تجسسوا ) الحجرات : 12 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم  " لا تجسسوا " ، وقال صلي  الله عليه وسلم " من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والأخره "
5-     قبل أن يامر من أراد أمره أن يعرفه بالمعروف ، إذ قد يكون تركه له لكونه لم يعرف أنه من المعروف كما يعرف من أراد نهيه عن المنكر بان ما فعله من المنكر ، إذ قد يكون فعله له ناتجاً عن كونه لم يعرف أنه من المنكر
6-     أن يأمر وينهي بالمعروف ، فإن لم يفعل التارك للمعروف ولم يترك المرتكب للمنهي استعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول ، فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز استظهر عليه بالحكومة أو بالإخوان .
7-     فغن عجز عن تغيير المنكر بيده  ولسانه بان خاف  علي نفسه أو ماله أو عرضه وكان لا يطيق الصبر علي ما يناله أكتفي بتغيير المنكر بقلبه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " من راي منك منكراً  فليغيره بيده فإن لم يستطع .... " الحديث .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق