الأحد، 30 أكتوبر 2011

في أولياء الله وكراماتهم ، وأولياء الشيطان وضلالاتهم

- أولياء الله تعالي :
  يؤمن المسلم بان الله تعالي من عبادة أولياء أستخلصهم لعبادته ، و استعلمهم في طاعته وشرفهم بمحبته وأنالهم من كرامته ، فهو وليهم يحبهم ويقربهم ، وهم أولياؤه يحبونه ويعظمونه يألتمرون بأمره وبه يأمرون وينتهون يحبون بحبه ويبغضه يبغضون ، إذا سألوه أعطاهم ، وإذا استعانوه أعانهم وأنهم هم أهل الإيمان والتقوي والكرامة والبشري في الدنيا وفي الأخري وأن كل مؤمن تقي هو لله ولي غير أنهم يتفاوتون في درجاتهم بحسب تقواهم وإيمانهم فكل من كان حظة من الإيمان والتقوي أوفي ، كانت درجته عند الله أعلي وكانت كرامته أوفر ، فسادات الأولياء هم المرسلون والأنبياء ، ومن بعدهم المؤمنون ، وأن ما يجربه الله علي أيديهم من كرامات كتكثير القليل من الطعام أو إبراد الأوجاع والأسقام أو خوض البحار أو عدم الاحتراق بالنار وما إليه ، هو من جنس المعجزات غير أن المعجزة تكون مقرونة بالتحدي والكرامة عارية عنه غير مرتبطة  به ، وأن من أعظم الكرامات الاستقامة علي الطاعات بفعل المأمورات الشرعية واجتناب المحرمات والمنهيات .
وذلك للأدلة الآتية :
1-  إخباره تعالي عن أوليائه وكرماتهم في قوله : (‏{‏أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏}‏، وفي قوله : ( وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ) وفي قوله سبحانه : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف : 24  ، وفي قوله تعالي ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) الإسراء : 65 ، وقوله ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله ) آل عمران : 37 ، وفي قوله : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:139-144].، وفي قوله : (فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (24)وهزي إليك بجدع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً (25) فكلي و اشربي وقري عيناً ) مريم : 24-26 ، وفي قوله :    ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً علي إبراهيم (29) وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ) الأنبياء : 69-70 ) وفي قوله : ( أم حسب أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا (9) إذ أوي الفتيه إلي الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (10) فضربنا علي آذانهم في الكهف سنين عددا (11) ثم بعثناهم ) الكهف : 9-12 .
2-  إخبار رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أولياء الله وكراماتهم : في قوله فيما يرويه عن ربه عز وجل : " من عادي لي ولياً آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألتني لأعطيته ولئن استعاذني لأعيذته ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم ( إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره " ، وفي قوله : ( لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم  ناس محدثون فإن كان في أمتي أحد فإنه عمر ) وفي قوله صلي الله عليه وسلم : " كانت امرأة توضع ولدها فرأت رجلاً علي فرس فاره فقالت : اللهم اجعل ولدي مثل هذا ، فألتفت إليه الطفل وهو يرضع وقال : اللهم لا تجعلني مثله " ، فنطق الرضيع كرامة للولد والوالدة ... وفي قوله في جريج العابد و أمة وإذ قالت أمه : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات " فاستجاب الله لها كرامة منه تعالي لها ،وقال ولدها جريح لما أتهموه بأن ولد البغي منه :  " قال للولد الرضيع : من أبوك ؟ فقال : راعي الغنم . فنطق الرضيع كرامة لجريح العابد ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم في أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فدعوا الله وتوسلوا إليه بصالح أعمالهم فاستجاب الله لهم وفرجها عنهم حتى خرجوا سالمين كرامة لهم وفي قوله في حديث الراهب والغلام إذ جاء فيه : أن الغلام رمي الدابة التي كانت قد منعت الجماهير من المرور ، رماها بحجر فماتت ومر الناس فكانت كرامه للغلام كما أن الملك حاول قتل الغلام بشتي الوسائل فلم يفلح حتى رماه من جبل شاهق ولم يمت وقذفه في البحر فخرج منه يمشي ولم يمت فكان ذلك كرامة للغلام المؤمن الصالح .
3-  ما رواه ألاف العلماء وشاهدوه من أولياء وكرامات لهم تفوق الحصر . ومن ذلك ما روي أن الملائكة كانت تسلم علي عمران بن حصين رضي الله عنه وأن سلمان الفارسي و أبا الدرداء رضي الله عنهما كانا يأكلان في صحفة فسبحت الصحفة أو الطعام فيها ، وأن خبيبا رضي الله عنه كان أسيراً عند المشركين بمكة فكان يؤتي بعنب يأكله ، وليس بمكة من عنب وأن البراء ابن عازب رضي الله عنه كان إذا أقسم علي الله في شئ استجاب له حتي كان يوم القادسية أقسم علي الله أن يمكن المسلمين من رقاب المشركين وأن يكون أول شهيد في المعركة فكان كما طلب ، وأن عمر بن الخطاب رضي لاله عنه كان يخطب علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينة فإذا به يقول : يا سارية ، الجبل ! يا سارية الجبل ! يوجه قائد معركة يقال له : " سارية "  ، فسمع سارية صوتة وانحاز عمر والصحابة بما سمع من صوت و انحاز بالجيش فكان في ذلك نصرهم وانهزم أعدائهم من المشركين ورجع سارية فأخبر عمر والصحابة بما سمع صوت عمر رضي الله عنه و أن العلاء بن الحضرمي رضي الله كان يقول في دعائة : يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم ، فيستجاب له حتى إنه خاض البحر بسرية معه فلم تبتل سروج خيولهم  ، وأن الحسن البصري دعا الله علي رجل كان يؤذية فخر ميتاً في الحال و أن رجلاً من النخع كان له حمار فمات له في طريق سفره فتوضأ وصلي ركعتين ودعا الله عز وجل ، فأحيا له حماره وحمل عليه متاعه ... إلي غير ذلك من الكرامات التي لا تعد ولا تحصي والتي شاهدها الناس بل ملايين البشر
أولياء الشيطان
  كما يؤمن المسلم بأن للشيطان من الناس أولياء استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله وسول لهم الشر  وأملي لهم الباطل فأصمهم عن سماع الحق و أعمي أبصارهم عن رؤية دلائله فهم له مسخرون ولأوامره مطيعون يغريهم بالشر ويستهويهم إلي الفساد بالتزين حتى عرف لهم المنكر فعرفوه ونكر لهم المعروف فكانوا ضد أولياء الله وحرباً عليهم وعلي النقيض منهم أولئك والوا الله وهؤلاء عادوه ، أولئك أحبوا الله وأرضوه ، هؤلاء أغضبوا الله واسخطوه فعليهم لنه الله وغضبه ، ولو ظهرت علي أيديهم الخوارق كأن طاروا في السماء ، أو مشوا علي سطح الماء ، إذ ليس ذلك إلا استدراجاً من الله لمن عاداه أو عوناً من الشيطان لمن والاه ، وذلك للأدلة التالية :
1-  إخباره تعالي عنهم في قوله : ( والذين كفروا أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( البقرة : 257 ) ، وفي قوله  : ( و إن الشياطين ليوحون إلي أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون ( الأنعام : 121 ) ، وفي قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم ) الأنعام : 128 ، وفي قوله ( ومن يغش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين (36) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) الزخرف : 36-37 وفي قوله : ( إن جعلنا الشياطين أولياء الذين لا يؤمنون ) الأعراف : 30 ، وفي قوله : ( إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ٌ الأعراف :20 ، وفي قوله : ( وقضينا لهم قرناء فزينوا لهم ما من دون الله وما خلفهم ) فصلت : 25 ، وفي قوله ( و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه فتأخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو ) الكهف : 50 .
2-  أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك في قوله لما رأي نجما قد رمي به فاستنار قال مخاطباً أصحابة ( ما كنتم تقولون لمثل هذه في الجاهلية ؟ " قالوا : كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم . فقال : " إنه لا يرمي به لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا تبارك وتعالي إذا قضي أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ثم يسأل أهل السماء حملة العرش : ماذا قال ربنا ؟ فيخبرونهم ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا ، ويخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه إلي أوليائهم فما جاءوا به علي وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان فقال : ( ليسوا بشئ " فقالوا : نعم إنهم يحدثوننا أحيانا بشئ فيكون حقاً فقال : " تلك الكلمة من الق يخطفها الجن فيقرؤها في أذن وليهه فيجعلون معها مائة كذبة وفي قوله : " ما منكم من احد إلا وقد وكل به قرينه " وفي قوله : " إن الشيطان يجري من ابن آدم من العروق فضيقوا عليه مجاريه بالصوم "
3-  ما رآه وشاهدة مئات ألوف البشر من أحوال شيطانية غريبة في كل زمان ومكان تقع لأولياء لأولياء الشيطان ، فمنهم من يكلمه بالغيب ويطلعه علي بعض بواطن الأمور وخفاياها ، ومنهم من يمنع نفوذ السلاح إليه ، ومنهم من يأتيه الشيطان في صورة رجل صالح عندما يستغيث بذلك الصالح لتغريره وتضليله وحمله علي الشرك بالله ومعاصيه ، ومنهم من قد يحمله إلي بلد بعيد أو يأتيه بأشخاص أو حاجات من أماكن بعيدة ... إلي غير ذلك من الأعمال التي تقوي علي فعلها الشياطين ومردة الجان وخبثاؤهم .
     وتحصل هذه الأحوال الشيطانية نتيجة لخبث روح الآدمي بما يتعاطي من ضروب الشر و الفساد والكفر والمعاصي البعيدة عن كل حق وخير ، وإيمان تقوي وصلاح حتى يبلغ الآدمي درجة من خبث النفس وشرها يتحد فيها مع أرواح الشياطين المطبوعة علي الخبث والشر وعندئذ تتم الولاية بينه وبين الشياطين فيوحي بعضهم إلي بعض ويخدم بعضاً كل بما ييقدر عليه ولذا لما يقال لهم يوم القيامة : ( يا معشر الجن قد استكثرتهم من الأنس ) يقول أولياؤهم من الأنس : ( ربنا استمتع بعضنا ببعض ) (الأنعام : 128 )         
    وأما الفرق بين كرامة أولياء الله الربانية وبين الأحوال الشيطانية : فإن يظهر في سلوك العبد وحاله فإن كان ذوي الإيمان والتقوي المتمسكين بشريعة الله ظاهراً وباطناً فما يجري علي يديه من خارقة هو كرامة من الله تعالي له وإن كان ذوي الخبث والشر والبعد عن التقوي المنغمسين في ضروب المعاصي المتوغلين في الكفر والفساد فما يجري علي يديه من خارقة إنما هو من جنس الاستدراج أو من خدمة أوليائه من الشياطين له ومساعدتهم إياه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق