السبت، 29 أكتوبر 2011

الإيمان بربوبية الله تعالي لكل شئ

يؤمن المسلم بربوبيته تعالي لكل شئ ، وأنه لا شري كله في ربوبيته لجميع العالمين ، وذلك لهادية الله تعالي له أولاً ، ثم للأدلة التنقلية الآتية ثانياً :
الأدلة النقلية :
1-   إخباره تعالي عن ربوبيته بنفسه ، إذ قال في الثناء علي نفسه : ( الحمد لله رب العالمين ) الفاتحة : 2- ، وقال في تقرير ربوبيته : ( قل رب السموات والأرض قل الله  (7) لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب أبائكم الأولين  ) ( الدخان : 7-8 )
وقال في التذكير بالميثاق الذي أخذ علي البشر وهم في أصلاب آبائهم بأن يؤمنوا بربوبيته لهم ، يعبدوه ولا شركوا به غيره  : ( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و أشهدهم علي أنفسهم ألسن بربكم قالوا بلي شهدنا )  ( الاعراف : 172 )
وقال في إقامة الحجة علي المشركين و إلزامهم بها ( قل رب السموات السبع ورب العرش العظيم (86) سيقولون لله قل ألا تتقون ) ( المؤمنون 86-87)
2-  إخبار الأنبياء والمرسلين بربوبيته تعالي وشهادتهم عليها وإقرارهم بها . فآدم عليه السلام  قال في دعائه : ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) ( الاعراف : 23 ) ، ونوح قال في شكواه إليه تعالي ( رب إنهم عصوني و اتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً ) ( نوح:21) ، وقال :   (قال رب إن قومي كذبون (117) فأفتح بيني وبينهم فتحاً ونجني ومن معي من المؤمنين )الشعراء :117-118 ) ، وقال إبراهيم علية السلام في دعائه لمكة حرم الله الشريف لنفسه وذريته : ( رب أجعل هذا البلد آمنا واجنيني وبني أن تعبد الأصنام ) ( إبراهيم :35) ، وقال يوسف عليه وعلي نبينا أفضل السلام في ثنائه علي الله ودعائه إياه ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات والأرض أنت ولي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين . ( يوسف:101) وقال موسي في بعض طلبه   (رب أشرح لي صدري (25) ويسر لي أمري (26) و احلل عقدة من لساني (27) يفقهوا قولي  (28) واجعل لي وزيراً من أهلي ) ( طه : 25-29) ، وقال هارون لبني إسرائيل  ( و لإن ربكم الرحمن فأتبعوني وأطيعوا أمري ) ( طه : 90) ، وقال زكريا في استرحامه : ( رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً ) ( مريم : 4) وقال في دعائه ( رب لا تذرني فرداً و أنت خير الوارثين ) ( الأنبياء : 89) ، وقال عيسي في إجابته له تعالي : ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ) ( المائدة : 117 ) ، وقال مخاطباً قومه : ( يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) ( المائدة :72) نبينا محمد (ص) وعلي أخوانة المرسلين كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا لإله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .                   
3-    إيمان البلايين من العلماء والحكماء بربوبيته تعالي لهم ولكل شئ واعترافهم بها واعتقادهم إياها اعتقاداً جازماً .
4-    إيمان البلايين والعدد الذي لا يحصي من عقلاء البشر وصالحهم بربوبيته تعالي لجميع الخلائق .

الأدلة العقلية :
من الأدلة العقلية المنطقية السليمة علي ربوبيته عز وجل لكل شئ ما يلي :-
1-  تفرده تعالي بالخلق لكل شئ لإذ من المسلم به لدي كل البشر أن الخلق والإبدع لم يدعهما أو يقو عليهما أحد سوي الله عز وجل ، ومهما كان الشئ المخلوق صغيراً وضئيلاً ، حتى ولو كان شعرة في جسم إنسان أو حيوان أو ريشه صغيرة في جناح طائره ، أو ورقة في غصن مائد ، فضلاً عن خلق جسم تام أو حي من الأجسام ، أو جرم كبير أو صغير من الإجرام أما الله تبارك وتعالي فقد قال مقرراً الخالقية المطلقة له دون سواه : ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ) ( الأعراف : 54) وقال : ( والله خلقكم وما تعلمون ) ( الصافات :96) وأثني علي نفسه بخالقيته فقال : ( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ) (الأنعام:1) وقال : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثمن يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلي في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ) ( الروم : 27) افليست إذا خالقيته سبحانه وتعالي لكل شئ هي دليل وجودة وربوبيته ؟ بلي ، وإن يا ربنا علي ذلك من الشاهدين .
2-  تفرده تعالي بالرزق إذ ما من حيوان سارح في العراء أو سايح في الماء أو متسكن في الأحشاء إلا والله تعالي خالق رزقة وهاديه إلي معرفة الحصول عليه وكيفية تناوله والانتفاع به .                          فمثل النملة كأصغر حيوان ، إلي الإنسان الذي هو أكمل و أرقي أنواعه الكل مفتقر إلي الله عز وجل في وجودة وتكوينه ، وفي غذائه ورزقة ، والله وحده موجده ومكونه ومغذيه ورازقه ، وها هي ذي آيات كتابه تقرر هذه الحقيقة وتثبيتها ناصعة كما هي ، قال تعالي ( فلينظر الإنسان إلي طعامة (24) أنا صببنا الماء صباً (25) ثم شققنا الأرض شقا (26) فأنبتنا فيها حبا (27) وعنباً وقضباً (28) وزيتوناً ونخلاً (29) وحدائق غلباً (30) وفاكهة و أباً ) ( عبس :24-31) .                                                                 وقال تعالي : ( و أنزل من المساء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ) ( الحجر:22) وقال لا رزاق إلا هو سبحانه : ( وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها ) ( هود : 6 ). و إذا تقرر بلا منازع أنه لا رزاق إلا الله كان ذلك دليلاً علي ربوبيته سبحانه وتعالي لخلقة .
3-  شهادة الفطرة البشرية السليمة بربوبيته تعالي ، و إقرارها الصارخ بذلك ، فإن كل إنسان لم تفسد فطرته يشعر في قرارة نفسه بأنه ضعيف وعاجز أمام ذي سلطان غني قوي  ، وأنه خاضع لتصرفاته فيه ، وتدبيره له بحيث يصرخ في غير تردد ، أنه الله ربه ورب كل شئ  و إن كانت هذه الحقيقة مسلمة لا ينكرها أو يماري فيها كل ذي فطرة سليمة ، فإنه يذكر هنا زيادة في التقرير ما كان القرآن الكريم ينتزعه من اعترافات أكابر الوثنين بهذه الحقيقة التي هي ربوبية الله تعالي للخلق ولكل شئ . قال الله تعالي : ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) ( الزخرف : 9) وقال عز وجل ( قل رب السموات السبع ورب العرش العظيم (86) سيقولون الله )  ( المؤمنون: 86-87)
4-  تفرده تعالي بالملك لكل شئ وتصرفه المطلق في كل شئ وتدبيره لكل شئ دل علي ربوبيته إذ من المسلم به لدي كافة البشر أن الإنسان كغيره من الكائنات الحية في هذا الوجد لا يملك علي الحقيقة شيئاً ، بدليل أنه يخرج إلي هذا الوجود عاري الجسم حاسر الرأس حافي القديمين ، ويخرج عندما يخرج منه مفارقاً له ليس معه شئ سوي كفن يواري به جسده ، فكيف إذا يصح أن يقال : إن الإنسان مالك لشئ علي الحقيقة في هذا الوجود ؟!                                                                                     وإذا بطل أن يكون الإنسان وهو أشرف هذه الكائنات مالكا لشئ منها فمن المالك إذن المالك هو الله والله وحده وبدون جدل ولا شك ولا ريب وما قيل وسلم في الملكية يقال ويسلم كذلك في التصرف والتدبير لكل شان من شئون هذه الحياة ولعمر الله إذا لهي صفات الربوبية الخلق – الرزق – الملك – التصرف – التدبير ، وقديما قد سلمها أكابر الوثنيين من عبد الأصنام ، سجل ذلك القرآن الكريم في غير سورة من سورة قال تعالي : ( قل من يرزقكم في السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون (31) فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال ) ( يونس : 31-32) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق