الجمعة، 9 ديسمبر 2011

النفس


يؤمن المسلم بأن سعادته فى كلتا حياتية :الاولى والثانية . موقوفة على مدى تأديب نفسه ,وتطبيبها وتزكيتها , وتطهيرها ,كما أن شقاءها منوط بفسادها , وتدسيتها, وخبثها ,وذلك للادلة الاتية : قولة تعالى " قد افلح من زكاها (9)وقد خاب من دساها "وقولة : "ان الذين كذبوا باياتناواستكبروا عنها لاتفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط وكذلك نجزى المجرمين (40)لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزى الظالمين (41) والذين امنوا وعملوا الصالحات لانكلف نفسا الا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " وقولة " والعصر (1) أن الانسان لفى خسر (2) الاالذين أمنوا وعملو الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"وقول الرسول (صلى الله علية وسلم )"كلكم يدخل الجنة الا من أبى " قالوا : ومن أبى يارسول الله ؟ قال " من أطعنى دخل الجنة , ومن عصانى فقد أبى " وقولة (صلى الله علية وسلم ) " كل الناس يغدو فبائع نفسة فمعتقها أو موبقها " كما يؤمن المسلم با ن ماتطهر علية النفس وتزكو هو حسنة الايمان , والعمل الصالح , وان من تتدسي بة وتخبث وتفسد هو سيئة الكفر والمعاصى قال تعالى :" وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات "وقولة "بل ران على قلوبهم ماكانوايكسبون " وقال رسول الله "(صلى الله عليه وسلم ) "ان المؤمن اذا أذنب ذنبا كان نكته سوداء فى قلبه , فان تاب ونزع واستعتب صقل قلبه , وان زاد زادت حتى تعلق قلبه . فذلك الران الذى قال الله :"كلا بل ران على قلوبهم ماكنوايكسبون " وقولة (صلى الله علية وسلم )"اتق الله حيثما كنت   ,وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ".    من أجل هذا يعيش المسلم عاملا دائما على تأديب نفسه وتزيكيتها وتطهيرها , اذ هى أولى يؤدب , فيأخذها بالادب المزكية لها والمطهرة لادرانها , كما يجنبها كل مايدسيها ويفسدها من يسئ المعتقدات , وفاسد الاقوال والافعال , يجاهدها ليل نهار , ويحاسبها فى كل ساعه , ويحملها على فعل الخيرات , ويدفعها الى الطاعه دفاعا , كما يصرفها عن الشر والفساد صرفا ويردها عنهما ردا , ويتبع فى اصلاحها وتأديبها لتطهر وتزكوا لخطوات التالية: 
ا-التوبة : والمراد منها التخلى عن سائر الزنوب والمعاصى, والندم على كل سالف ,والعزم على عدم العودة الى الذنب فى مقبل العمر وذلك قولة تعالى:"يا أيها الذين أمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم  ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الانهار " وقولة "وتوبوا ألى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وقال رسولة (صلى الله علية وسلم )"يا أيها الناس توبوا الى الله فأنى أتوب الى الله فى اليوم ماءه مرة " وقولة :"من تاب قبل ان تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه
ط وقوله :" ان الله عز وجل يبسط بيدة بالليل  ليتوب مسئ النهار , ويبسط يده بالنهارليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " وقولة " لله أشد فرحا بتوبة عبدة المؤمن من رجل فى الارض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه , فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركة العطش . ثم قال : أرجع الى مكانى الذى كنت أنام حتى اموت , فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعندة راحلته وعليها زادة وطعامه وشرابة , فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلتة وزادة " . وما روى من أن الملائكة هنأت ادم بتوبتة بما تاب لله علية
ب_المراقبة :وهى أن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله تبارك وتعالى ويلزمها اياها فى كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها اليقين بأن الله مطلع عليها , عالم بأسرارها ,رقيب على أعمالها , وعلى كل نفس بما كسبت , وبذلك تصبح مستغرقة بملاحظة جلال الله وكمالة , شاعرة بالانس فى ذكرة , واجدة الراحه فى طاعته , راغبة فى جوارة , مقبلة علية معرضة عما سواه وهذا معنى اسلام الوجة فى قولة تعالى :"ومن احسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " وقولة تعالى" ومن أسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بلعروة الوثقى " وهوعين ما دعا الية تعالى فى قولة " وعلموا أن الله يعلم مافى أنفسكم فاحذروه"   وقولة " ان الله كان عليكم رقيبا "
وقولة سبحانه "وماتكون فى شأن وما تتلو منه من قران ولا تعلمون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه" وقولة (صلى الله علية وسلم )"ان تعبد الله كأنك تراه , فان لم تكن تراه فانة يراك"
وهونفس مادرج عليه السابقون الجاولون من السلف هذة الامة الصالح ,اذ اخذوا بة انفسهم حتى تم لهم اليقين ووبلغوا درجة المقربين وها هى ذى اثارهم تشهد لهم :
1-   قيل للجنيد رحمه الله , بم يستعان على غض البصر ؟ قال : بعلمك ان نظر الناظر اليك أسبق من نظرك الى المنظور له .
2-   قال سفيان الثورى : عليك بالمراقه ممن لا  تخفى علية خافية , وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء , وعليك بالحذر ممن يملك العقوبه .
3-   قال ابن المبارك لرجل : راقب الله يافلان , فسألة الرجل عن المراقبة فقال له: كن أبدا كأنك ترى الله عزوجل .
4-   قال عبدالله بن دينار : خرجت مع عمر بن الخطاب الى مكة فعرسنا ببعض الطريق فانحدر علينا راع من الجبل , فقال لة عمر : ياراعى بعنا شاة من هذا الغنم ,فقال الراعى انه مملوك ,فقال له عمر : قل لسيدك أكلها الذئب ,فقال العبد :أين الله ؟ فبكى عمر ,وغدا على سيد الراعى فاشتراة منه وأعتقة .
5-   حكى عن بعض الصالحين أنه مر بجماعه يترامون , وواحد جالس بعيدا عنهم فتقدم اليه وأراد ان يكلمه :فقال له :من سبق من هؤلاء ؟ فقال : من غفر الله له ,قال : أين الطريق؟ فأشارلة نحو السماء , وقام ومشى .
6-   وحكى ان "زاليخا" لما خلت بيوسف –علية السلام –فقامت فغطت وجه صنم لها , فقال يوسف –علية السلام –مالك ؟ أتستحين من مراقبة جماد ولا تستحى من مراقبة الملك الجبار ؟ وأنشد بعضهم :  اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل          خلوت ,ولكن قل على رقيب
ولا حسين  الله يغفل ساعه                ولا أن تخفى علية يغيب
أم تر أن اليوم أسرع ذاهب             وان غدا للناظرين قريب
ج-المحاسبة :  وهى أنة لما كان المسلم عاملا فى هذة الحياة ليلا نهار على مايسعدة فى الدار الاخرة , ويؤهله لكرامتها ورضوان الله فيها , وكانت الدنيا هى موسم العمله كان علية ان ينظر الى الفرائض الواجبه علية كنظر التاجر على رأس ماله , وينظر الى النوافل نظر التاجر الى الارباح الزائدة على رأس المال, وينظر الى المعاصى و الزنوب كالخسارة فى التجارة , ثم يخلو بنفسه ساعه من اخر كل يوم  يحاسب فيها نفسه من عمل يومه فان رأى نقصا فى الفرائض لامها ووبخها , وقام الى جبره ف الحال . فان كان مما قضى قضاة , وان كان مما لايقضى جبره بالاكثار من النوافل , وان رأى نقصا فى النوافل عوض النواقص وجبره و وان راى خسارة بارتكاب المنهى استغفر وندم اناب و وعمل من الخيرما يراة مصلحا لما أفسد.هذا هو المراد من المحاسبة للنفس ,وهى احدى طرق اصلاحها ,وتأتديبها , وتزكيتهاوتطهيرها وأدلتها ما يأتى :
قال تعالى"ياأيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون"  فقولة تعالى "ولتنظر نفس "هو أمر بالمحاسبة للنفس على ماقدمت لغدها المنتظر , وقال تعالى"وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "وقال(صلى الله علية وسلم) انى لاتوب الى الله واستغفرة فى اليوم مائة مرة " وقال عمر رضى الله عنة : حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا , وكان رضى الله عنه لما شغلته حديقتة عن صلاته خرج منها صدقة لله تعالى, فلم يكن هذا منه الامحاسبته لنفسه وعتابا لها وتأديبا وحكى عن الاحنف بن قيس انة جئ الى المصباح فيضع أصبعه فيه حتى يحس بالنار , ثم يقول لنفسه : ياحنيف ماحملك على ماصنعت يوم كذا ؟ ماحملك على ماصنعت يوم كذا ؟ وحكى أن أحد الصالحين كان غازيا فتكشفت لة امراة فنظر اليها فرفع يدة ولطم عينيه ففقأها : وقال:انك للحاظة الى مايضرك .
ومر بعضهم بغرفه فقال: متى بنيت هذة الغرفة ؟ فاقبل على نفسة وقال : تسأليننى  عما لايعنيك ؟ لاعاقبنك بصوم سنه  فصامها,وروى أن احد الصالحين كان ينطلق الى الرمضاء فيمترغ فيها ويقول لنفسه : زوقى ونالر جهنم اشد نارا , أجيفه باليل بطاله بلنهار ؟ وان احدهم رفع رأسه الى السطح فرأى امراة فنظر اليها فأخذ على نفسه الاينظر الى السماء مادام حيا .
هكذا كان الصالحون من هذة الامة يحاسبون أنفسهم عن تفريطها , ويلومها على تقصيرها , يلزمونها التقوى وينهونها عن الهوى عملا بقولة:تعالى "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40)فان الجنه هى المأوى"
د-المجاهدة:  وهى أن يعلم المسلم أن أعدى اعدائة الية هونفسه التى بين جنبية وأنها بطبعها مايله الى الشر , فرارة من الخير,أمارة بلسؤ : " وما أبرئ نفسي ان النفس لامارة بل لسوء ". تحب الدعه والخلود الى الراحه , وترغب فى البطاله وتنجرف مع الهوى, تستهويها الشهوات العاجلة وان كان فيها حتفها وشقاؤها .
فاذا عرف المسلم هذا عبأنفسة لمجاهدة  نفسه فأعلن عليها الحرب وشهر ضدها السلاح , وصمم على مكافحه رعونتها ومناجزة شهواتها , فاذا احبت الراحه اتعبها ,واذارغبت فى الشهوة حرمها , واذا قصرت فى الطاعه أو خير عاقبها ولامها ثم الزمها بفعل ما قصرت فية وقضاء مافوتته او اتركته . يأخذها بهذا التأديب حتى تطمئن وتطهر وتطيب وتلك غاية المجاهد للنفس . قال تعالى : " والذين جاهدوا فينا لنهديهم سلبنا وان الله لمع المحسنين " والمسلم اذ يجاهد نفسة فى ذات الله تطيب وتطهر وتطمئن وتصبح أهلا لكرامة الله تعالى ورضاة يعلم ان هذا الدرب للصالحين وسبيل المؤمنين الصادقين فيسلكه مقتديا بهم ويسير معهم مقتفيا أثارهم . فرسول الله (صلى الله علية وسلم) قام الليل حتى تفطرت قدماة  الشريفتان وسئل (صلى الله علية وسلم) فى ذلك فقال : "أفلا احب ان اكون عبدا شكورا "  .   اى مجاهدة أكبر من هذة المجاهدة وايم الله .؟ وعلى رضى الله عنه يتحدث عن أصحاب رسول الله (صلى الله علية وسلم)فيقول :والله لقد رأيت أصحاب محمد (صلى الله علية وسلم) وا أرى شيئا يشبههم كانو يصبحون شعاثا غبرا صفرا قد باتو سجودا وقياما ,يتلون كتاب الله يراحون بين أقدامهم وجباههم ,وكانوا أذا ذكرا الله مادوا كما يمد الشجر فى يوم الريح , وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم.وقال أبو الدرداء رضى الله عنه : "لولا ثلاث ما أحببت العيش يوما واحدا : الظمأ لله بالهواجر والسجود له فى جوف الليل ,ومجالسة قوم ينتقون أطياب الكلام , ينتقى أطياب الثمر .  وعاتب عمر بن الخطاب رضى الله عنة نفسة على تفويت صلاة العصر فى جماعه ¸وتصدق بارض من أجل ذلك تقدر قينتها بمأتى ألف دينار وكان عبدالله بن عمر رضى الله عنهما اذا فاتته صلاه فى الجماعه أحيا تلك الليله بكاملها , وأخر يوما صلاة المغرب حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين . وكان على رضى الله عنه يقول :رحم الله أقواما يحسبهم الناس مرضى وما هم بمرضى,وذلك من اثار مجاهدة النفس , والرسول (صلى الله علية وسلم يقول )" خير الناس من طال عمره وحسن عملة " وكان أويس القرنى رحمة الله يقول:هذة ليلة الركوع فيحيا الليل كله فى ركعه و واذا كانت الليلة الاتية فقال:هذة ليلة السجود فيحيا الليل كلة فى سجدة "    وقال ثابت البنانى رحمة الله : اذا أدركت رجالا كان احدهم يصلى فيعجز أن يأتى فراشة الا حبوا , وكان احدهم يقوم حتى تتورم قدماة من طول القيام , ويبلغ من الاجتهاد فى العبادة مبلغ ما لو قيل له:القيامه غدا ماوجد مزيدا , وكان اذ جاء الشتاء يقوم فى السطح حتى يضربة الهواء البارد فلا ينام , واذاجاء الصيف قام تحت الصقف ليمنعه الحر من النوم , وكان بعضهم يموت وهو فى ساجد  . وقالت امراة مسروق رضى الله وكان مسروق لايوجد الاوساقاه منتفختان من طول القيام ووالله ان كنت اجلسى جنبة وهو قائم يصلى فأبكى رحمه له وكا منهم من اذ بلغ الاربعين من عمره طوى فراشة فلا ينام عليه فقط , ويروى أنامراة صالحه من صالح السلف لها (عجرة)  مكفوفه البصر , وكانت اذا جاء السحر نادت بصوت لها محزون :اليك قطع ااععابدون دجى اللياللى يستبقون الى رحمتك وفضله مغفرتك فبك الهى  اسالك لابغيرك-أن تجعلنى فى اول زمرة السابقين ,أن ترفعنى
لدييك فى عليين فى درجة مقربي ,وأن تلحقنى بعبادك الصالحين , فأنت ارحم الراحمين ، واعظم العظماء واكرم الكرماء .ياكريم .ثم تخر ساجدا ولاتزال تدعو وتبكى الى الفجر .

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

الادب مع كلام الله تعالى (القران الكريم


يؤمن المسلم بقدسية الله سبحانة وتعالى , وشرفة وافضليتة على سائر الكلام , وان القران الكريم كلام الله الذى لا يأتية الباطل من بين يدية ولا من خلفة ومن قال بة صدق , ومن حكم بة العدل , وان أهلة هم أهل الله وخاصتة , والمتمسكون بة ناجون فاؤزون والمعرضون عنه هالكى خاسرون . ويذيد فى الايمان المسلم بعظمه كتاب الله جل جلالة وقدسيتة وشرفة ماورد فى فضله عن المنزل علية , والموحى بة الية صفوة الخلق سيدنا محمد بن عبد الله (ص) وفى مثل قولة :"اقرؤا القران فانه يجئ يوم القيامه شفيعا لصاحبة" وقولة: "ان القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد" فقيل: يارسول الله , وما جلاؤها ؟ "تلاوة القرءان وذكر الموت "وقد جاء مرة الرسول (ص) أحد خصومة الالداء يقول:يامحمد , اقأ على القران الكريم , فيقرا ولم يفرغ الرسول (صلى الله علية وسلم) من تلاوتها حتى يطالب الخصم الالد باعادتها مدهوشا بجلال لفظها , وقدسية معانيها , مأخوذا ببياناتها , مجذوبابقوة تأثيرها , ولم يلبث أن رفع عقيرتة بتسجيل اعترافه , وتقرير شهادته بقدسية كلام الله وعظمته , اذ قال بالحرف الواحد : والله ان له لحلاوة , وان علية لطلاوة , وان أسفلة لمورق , وان أعلاة لمثمر , وما يقول هذا بشر .
ولهذا كان المسلم زيادة على أنة يحل حلالة ويحرم حرامة ويلتزم بادابة , والتخلق بأخلالقة , فأنة يلتزم عند تلاوتة بالاداب التالية:  
1-      أن يقرأة على أكمل الحالات , من الطهارة , واستقبل القبلة , وجلوس فى أدب ووقار .
2-      أن يرتلة ولا يسرع فى تلاوتة , فلا يقرؤة فى أقل من ثلاث ليال , لقولة (صلى الله علية وسلم )" ومن قرأالقرءان ثلاث ليال لم يفقهه"وأمر الرسول (ص) عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن يختم القران فى كل سبع , كما كان عبد الله بن مسعود عثمان بن عفان وزيد بن ثابت رضى الله عنهم يختمونة فى كل أسبوع مرة.
3-      أن يلتزم الخشوع عند تلاوتة, وأن يظهر الحزن وأن يبكى أو يتباكى أن لم يستطع البكاء , لقول الرسول (صلى الله علية وسلم) "ان هذا القران نزل بحزن , فاذا قرأتموة فابكوا , فان لم تبكوا فتباكوا"
4-      أن يحسن صوتة بة :لقولة (صلى الله علية وسلم ) "زينوا القران بأصواتكم " فى قولة(ص) "ليس منا من لم يتغن بالقران " وقولة (صلى الله علية وسلم) ماأزن الله لشئ ما أزن لنبى يتغنى بالقران "
5-      أن يسر تلاوتة ان خشى على نفسة رياء أو سمعه , أوكان يشوش بة على مصل لما ورد عنه (ص) " الجاهر بالقران كالجاهر بالصداقة " ومن المعلوم أن الصدقة تستحب سريتها الا أن يكون فى الجهر فائدة مقصودة كحمل الناس على بفعلها مثلا , وتلاوة القران كذلك .
6-      أن يتلوة بتدبروتفكير مع تعظيم له واستحضار القلب وتفهم لمعانية وأسرارة .
7-      الايكون عند تلاوتة من الغافلين عنه المخالفين لة, اذ انة قد يتسبب فى لعن نفسة بنفسة , لانة ان قرا "فنجعل لعنه الله على الكاذبين " أو " لعنة الله على الظالمين " وكان كاذبا أو ظالما فأنة يكون لاعنا لنفسة , والرواية التالية تبين مقدار خطأ المعرضين عن كتاب الله الغافلين عنه المتشاغلين بغيرة , فقد روى أنة جاء فى التوراة أن الله تعالى يقول : أما تستحى منى يأتيك كتاب من بعض أخوانك , وأنتفى الطريق تمشى , كتابى أنزلتة اليك , انظر كيف فصلت لك فية من القول , وكم كررت عليك فية لتتامل طولة وعرضة ثم أنت معرض عنه  , فكنت أهون عليك من بعض اخوانك ..ياعبدى , يقعد اليك بعض اخوانك فتقبل الية بكل وجهك , وتصغى الى حديثة بكل قلبك               , فان تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثة أو مأت الية أن كف , وهأنا مقبل عليك ومحدث , وانت معرض بقلبك عنى , أفجعلتنى أهون عندك من بعض أخوانك؟
8-      يجتهد فى أن يتصف بصفات أهلة الذين هم أهل الله وخاصتة , وان يتسم بسماتهم كما قال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه : ينبغى لقارئ القران أن يعرف بليلة اذا الناس نائمون , وبنهارة اذ الناس مفطرون , وببكائة اذ الناس يضحكون , وبورعه اذ الناس يخلطون , وبصمتة اذ الناس يخوضون, وبخشوعه اذ الناس يختالون , وبحزنة اذ الناس يفرحون . وقال محمد بن كعب : كنا نعرف قارئ القران بصفرة لونة (يشير الى سهرة وطول تجهدة ) وقال وهيب بن الورد : قيل لرجل ألاتنام ؟ قال: ان عجائب القران أن اطران نومى . انشد ذو النون قولة:
منع القران بوعده ووعيده          مقل العيون بليلها لاتهجع  ,فهموا عن الملك العظيم كلامة فهما تذل لة الرقاب وتخضع.      

: الأدب مع الله عز وجل


المسلم ينظر الىما لله تعالى عليه من منن لاتحصى , ونعم لا تعد , اكتنفته من ساعه علوقة نطفه فى رحم امه , وتسايرة الى أن يلقى ربه عز وجل فيشكر الله على عليها بلسانه بحمده والثناء علية بما هو أهلة , وبجوارحة تسخر ها فى طاعته , فيكون هذا ادبا منه مع الله سبحانة وتعالى , اذ ليس من الاداب فى شئ كفران النعم , وجحود فضل النعم , والنكران لة ولاحسانة و إنعامه , والله سبحانه يقول : " وما بكم من نعمه فمن الله "ويقول سبحانه" وان تعدوا نعمه الله لا تحصوها"
ويقول جل جلاله :" فا اذكروني ازكركم واشكروا لي ولا تكفرون"
وينظرالمسلم الى عملية به اطلاعه على جميع احواله فيمتلئ قلبه منة مهابه , ونفسة له وقارا وتعظيما , فيخجل من معصيته , ويستحى من مخالفتة , والخروج عن طاعه, فيكون هذا أدبا منه مع الله تعالى, اذا ليس من الادب فى شئ ان يجاهر العبد سيدة بالمعاصى , او يقابلة بالقبائح والرذائل وهو شهيد وينظر اليه . قال تعالى ط مالكم لاترجون لله وقارا ,وقد خلقكم أطوار " وقال " والله يعلم ما تسيرون وما تعلنون " وقال:"وماتكون فى شأن وما تتلو منه من قران ولا تعلمون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفضون  فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الارض ولا فالسماء "وينظر المسلم اليه تعالى وقد قدر علية , وأخذبناصيتة , وأنة لامفر له ممن لامفر منة , من دابة الا هو اخذ بناصيتها " وقال عز وجل "ففروا الى الله انى لكم منة نذير مبين .
وقال " وعلى الله فتوكلو ان  كنتم مؤمنين "     وينظر المسلم الى الطاف الله تعالى  بة فى جميع أمورة , الى رحمته  لة ولسائر خلقة فيطمع فى المذيد من ذلك , فيتضرع لة بخالص الضراعه والدعاء , ويتوسل الية بطيب القول وصالح العمل , فيكون هذا أدبا منة مع الله مولاة , اذليس من الادب فى شئ اليأس من المذيد من رحمة وسعت كل شئ , ولا القنوط من احسان قد عم البرايا , وألطاف قدانتظمت الوجود . قال تعالى " ورحمتى وسعت كل شئ " وقال  الله لطيف بعبادة ""ولاتياسو من روح الله ""لاتقنطوا من رحمة الله "
وينظر المسلم الى شدة بطش ربه , والى قوة انتقامة , والى سرعة حسابة فيتقية بطاعتة,ويتوقاة بعدم معصيتة فيكون هذا أدبا منة مع الله , اذ ليس من الاداب ند ذوى الالباب أن يتعرض بمعصية والظلم العبد الضعيف العاجز للرب العزيز القادر , والقوى القاهر وهو يقول :  "اذا أراد الله بقوم سوءا فلا مراد له ومالهم من دونه من وال " ويقول :"ان بطش ربك لشديد " ويقول : " والله عزيز ذو انتقام " وينظر المسلم الى الله عز وجل عند معصيتة , والخروج من طاعتة , وكأن وعيدة قد تناولة , وعذابة قد نزل بة , وعقابة قد حل بساحته , كما ينظر الية وتعالى عند طاعتة , واتباع شرعيته , وكأن وعده قد صدقه لة ,وكأن وعده قد صدقة لة , وأن حلة رضاة قد خلعها علية , فيكون هذا من المسلم حسن ظن بالله , اذ ليس من الادب أن يسئ المرء الظن بلله فيعصية ويخرج عن طاعته , ويظن أنة غير مطلع علية , ولا يؤخذ له على ذنبه , وهو يقول :"ولكن ظننتم ان الله ان يعلم كثيرا مما تعملون *وذلكم ظنكم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين "كما أنة ليس من الادب مع الله أن يتقيه المرء ويطيعه  ويظن أنه غير مجازيه بحسن عمله , ولاهو قابل منه طاعته وعبادته , وهو عزوجل يقول:"من يطع الله ورسولة ويخشى الله ويتقة فاولئك هم الفائزون" ويقول تعالى " من جاء بلحسنة فلة عشر أمثالها ومن جاء بلسيئة فلا يجزى الامثلها وهم لا يظلمون " ويقول سبحانة "من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينة حياة طيبة ولنجزينهم أ؟جرهم بأحسن ماكانو يعلمون " وخلاصة القول :أن أشكر المسلم ربة على نعمه , وحياءة منة عند الميل الى معصيتة , وصدق الانابة الية , والتوكل علية ورجاء رحمته , والخوف من نقمتة , وحسن الظن الظن بة فى انجاز وعده , وانفاد وعيد فيمن شاء من عبادة هو أدبة مع الله , وبقدر تمسكة بة ومحافظتة علية تعلو درجتة , ويرفع مقامة وتسمو مكانتة وتعظم كرامتة فيصبح من اهل ولاية الله ورعاتية ,ومحط رحمتةومنزل نعمته , وهذا أقصى مايطلبة المسلم ويتمناة طول الحياة . اللهم ارزقنا ولايتك , تحرمنا رعايتك , واجعلنا لديك من المقربين , يالله  يارب العالمين .     
     

: آداب النية


يؤمنا لمسلم بخطر شأن النية , وأهميتها لسائر أعمالة الدنينيه والدنيوية , إذ جميع الإعمال تتكيف بها, وتكون بحسها فتقوى وتضعف , وتصح وتفسد  وتبعا لها , وإيمان المسلم هذا بضرورة النية لكل الإعمال ووجوب إصلاحها مستمد أولا من قول الله تعالى :"وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " وقولة سبحانه : " قل أنى أمرت أن اعبد الله مخلصا  له  الدين "وثانيا:من قول المصطفى (صلى الله علية وسلم )"إنما الإعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "وقوله : "أن الله لينظر إلى صوركم وأموالكم , وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " فلنظر إلى القلوب نظر إلى النيات , إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه , ومن قولة (صلى الله علية وسلم)"من هم بحسنة ولم يعملها  كتبت له حسنة " فبمجرد الهم الصالح   كان العمل صالحا يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة , وفى قولة (صلى الله علية وسلم ) " الناس أربعة : رجأتاه الله عز وجل علما ومالا فهو يعمل بعمله في ماله , فيقول رجل لو اتانى الله تعالى مثلما أتاه الله لعلمت كما عمل . فهما في الأجر سواء , ورجل أتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط في ماله , فيقول رجل : لو اتانى الله مثلما اتاه عملت كما يعمل , فهما فى الوزر سواء" فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العميل الصالح , ووزر صاحب النية الفاسد ة بوزر صاحب العمل الفاسد , وكان مرد هذا إلى نية وحدها .
ومن قولة( صلى الله علية  وسلم) وهو تبوك : "إن بالمدينة أقوا ما قطعنا وديا ولا وطئينا موطئا يغيظ الكفار. ولا أنفقنا نفقة , ولا أصابتنا مخصمةالاشركونا فى ذلك وهم بالمدينة "فقيل له كيف ذلك يا رسول الله فقال : "حبسهم العذر ركوا بحسن النية"فحسن النية إذا هو الذي جعل غير الغازي في الأجر , وجعل غير المجاهد يحصل على اجر كأجر المجاهد , ومن قولة )صلى الله علية وسلم) "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " فقيل : يارسول الله , هذا القاتل , فما بال المقتول ؟ فقال : لأنة أراد قتل صاحبة " فسوت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستوجب للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة ", ومن قولة (صلى الله علية وسلم ) " أيما رجل أصدق امرأة صداقا والله يعلم أنه لايريد أداءه اليها , فغر بها واستحل فرجها بالباطل , لقى الله يوم يلقاه وهو زان ,وأيما رجل أدان من رجل دينا والله يعلم منه أنه لايريد أداءه الية فغر بالله واستحل ماله بالباطل , لقى الله عز وجل يوم يلقاه وهو سارق " فابنيه السيئة انقلب المباح حراما , والجائز ممنوعا , وما كان خاليا من الحرج  أصبح ذا حرج .  كل هذا يؤكد مايعتقده المسلم في خطر النية وعظم شأنها وكبير أهميتها , فلزا هو يبنى  سائر أعماله على صالح النيات ,كما يبذل جهده في ألا يعمل عملا بدون نية ,أونية غير صالحة ,اذ النية روح العمل وقوامه , صحته من صحبتها وفساده من فسادها , والعمل بدون نية صاحبة مراء متكلف ممقوت .     وكما يعتقد المسلم أن النية ركن  الإعمال وشروطها , فانه يرى أن النية ليست مجرد لفظ بالسان(اللهم نويت كذا ) ولاهي حديث نفس فحسب , بل هي  انبعاث القلب نحو العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع وأدفع ضر , حالا أو مالا ,كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لا ابتغاء رضا الله , أو امتثال أمره.والمسلم اذ يعتقد أن العمل المباح ينقلب بحسن النية طاعة ذات أجر ومثوبة وان الطاعة إذا خلت من النية صالحه تنقلب معصية ذات وزر وعقوبة , ليرى أن المعاصي تؤثر فيها النية الحسنة فتنقلب طاعة , فالذي يغتاب شخصا خاطر شخص أخر هو عاص لله تعالى أثم نيته الحسنه فى نظرة , والذي يبنى مسجدا بمال الحرام لا يثاب عليه , والذي يحضر حفلات الرقص والمجون , أو يشترى (أوراق اليانصيب) بنيه تشجيع المشاريع الخيرية , أو لفائدة جهاد ونحو, هو عاص لله تعالى أثم غير مأجور , والذي يبنى القباب على قبور الصالحين , أويزبح لهم , أو ينذر لهم النذور بنية محبة الصالحين هو عاص لله تعالى  أثم على عمله ,ولو كانت نيته صالحه كما يراها ,إذا لا ينقلب بالنية الصالحة طاعة ألا ماكان مباحا مأذونا في فعلة فقط , أما المحرم فلا ينقلب طاعة بحال من الأحوال .

الأحد، 30 أكتوبر 2011

الإيمان بوجوب محبة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم

الإيمان بوجوب محبة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم
و أفضليتهم و إجلال أئمة الإسلام وطاعة ولاة أمور المسلمين

يؤمن المسلم بوجودب محبه أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم و آل بيته و أفضليتهم علي من سواهم من المؤمنين والمسلمين ، وأنهم فيما بينهم متفاوتون في الفضل وعلو الدرجة بحسب أسبقيتهم في الإسلام .
فأفضليتهم : الخلفاء الراشدون الأربعه : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالي عنهم اجمعين ثم العشرة المبشرون بالجنه وهم الراشدون الأربعه وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة عامر بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف ثم أهل بدر ثم المبشرون بالجنة من غير العشرة كفاطمة الزهراء وولديها الحسن والحسنين وثابت بن قيس و بلال بن رباح وغيرهم ثم أهل بيعة الرضوان وكانوا ألفا و أربعمائة صحابي رضي الله عنهم أجمعين
   كما يؤمن المسلم بوجوب إجلال أئمة الإسلام واحترامهم وتوقيرهم والتأدب معهم عند ذكرهم وهم أئمة الدين و اعلام الهدي كالقراء والفقهاء والمحدثين والمفسرين من التابعين وتابعي تابيعهم رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين .
    كما يؤمن المسلم بواجب طاعه ولاة أمور المسلمين وتعظيمهم واحترامهم والجهاد معهم والصلاة خلفهم وحرمة الخروج عليهم ولذا فهو يلتزم  حيال كل المذكورين بآداب خاصة
أما أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم و آل بيته فإنه :
1-     يحبهم لحب الله تعالي وحب رسوله صلي الله عليه وسلم لهم إذ أخبر تعالي أنه يحبهم ويحبونه في قوله : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومه لائم ) المائدة : 54 ،  كما قال في وصفهم : ( محمد رسول الله  والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم ) الفتح : 29 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( الله الله في اصحابي لا تتخذونهم عرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله ، ومن آذي الله يوشك أن يأخذه )
2-      يؤمن بأفضليتهم علي غيرهم من سائر المؤمنين والمسلمين لقوله تعالي في ثنائه عليهم ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) التوبة : 100                                                                                    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( لا تسبوا أصحابي فغن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نضيفه
3-       أن يري أن أبا بكر الصديق أفضل أصحاب رسول الله صلي اللع عليه وسلم ومن دونهم علي الإطلاق و أن الذين يلونه في الفضل هم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وذلك لقوله صلي الله عليه وسلم ( لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي ) وقول أبن عمر رضي الله عنهما : كنا نقول والنبي صلي الله عليه وسلم حي  : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، فبلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم فلم ينكرها ، ولقول علي رضي الله عنه خير الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ولو شئت لسميت الثالث – يعني عثمان  - رضي الله عنهم أجمعين .
4-               أن يقر بمزاياهم ويعترف بمناقبهم  ، كمنقبة أبي بكر وعمر وعثمان في قول الرسول صلي الله عليه وسلم لأحد وقد رجف بهم وهم فوقه : " اسكن أحد إنما عليك نبي وصديق وشهيدان " . وكقوله لعلي رضي الله عنه : " أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي ؟ " ، وقوله : " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " ، وكقوله للزبير بن العوام  " إن لكل نبي حواريا ، و إن حواريي الزبير بن العوام رجل صالح ، وكقوله في الحسن والحسين : " اللهم أحبهما فإني أحبهما وقوله لعبد الله بن عمر " إن عبد الله رجل صالح وقوله  زيد بن حارثه : " أنت أخونا ومولانا " ، و قوله لجعفر بن أبي طالب : " أشبهت خلقي وخلقي ، وقوله لبلال بن رباح : " سمعت دف تعليك بين يدي في الجنة وكقوله  في سالم مولي أبي حذيفة وعبد الله بن مسعود و أبي بن كعب ومعاذ بن جبل : " استقرئوا  القرآن من أربعه من عبد الله بن مسعود وسالم مولي أبي حذيفة و أبي بن كعب ومعاذ بن جبل " وكقوله في عائشة : " وفضل عائشة علي النساء ، كفضل الثريد علي سائر الطعام وكقوله في الأنصار : " لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ت وقال " الأنصار لا يحبهم إلا المؤمن ولا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله " ، وكقوله في سعد بن معاذ : " أهتز العرش لموت سعد بن معاذ ، وكمنقبة أسيد بن حضير ، إذ كان مع أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فلما خرجا إذا نور بين أيديهما يمشيان فيه فلما تفرقاً تفرق النور معهما ، وكقوله لأبي بن كعب : " إن الله أمرني أن اقرأ عليك : " لم يكن الذين كفروا ...... ) قال وسماني ؟ ! قال : " نعم " فبكي أبي ، وكقوله في خالد بن الوليد بين فئتين من المسلمين " ،  وكقوله في  الحسن : " وكقوله في أبي عبيدة : " لكل أمة أمين و إن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة أبن الجراح رضي الله عنهم و أرضاهم أجمعين
5-          يكف عن ذكر مساوئهم ويسكت عن الخلاف الذي شجر بينهم لقول الرسول صلي الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي " وقوله : " لا تتخذوهم غرضاً بعدي وقوله : " فمن آذاهم فقد أذاني ومن آذاني فثد آذي الله ومن آذي الله يوشك أن يأخذه  "
6-        أن يؤمن بحرمة زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم ، و أنهن طاهرات مبرآت وأن يترضي عليهن ويري أن افضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر وذلك لقول الله تعالي : ( التبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم ) الأحزاب :6
 و أما أئمة الإسلام من قراء ومحدثين وفقهاء فإنه :     

1-    يحبهم ويترحم عليهم ويستغفر لهم ، ويعترف لهم بالفضل لأنهم ذكروا في قول الله تعالي : ( والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) التوبة : 100 ، وفي قول الرسول صلي الله عليه سولم : ( خيركم قرني ثم يلونهم ثم الذين يلونهم " فعامة القراء والمحدثين والفقهاء والمفسرين كانوا من أهل هذه القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالخير وقد أثني الله علي المستغفرين لمن سبقوا بالإيمان في قوله : ( ربنا ا غفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) الحشر : 10 ، فهو إذا يستغفر لكل المؤمنين والمؤمنات .
2-    لا يذكرهم إلا بخير ، ولا يعيب عليهم قولاً ولا رأياً ، ويعلم أنهم كانوا مجتهدين مخلصين فيتأدب معهم عند ذكرهم ويفضل رأيهم علي راي من بعدهم وما رأوه علي ما رآه من أتي بعدهم من علماء وفقهاء ومفسرين ومحدثين ولا يترك قولهم إلا لقول الله أو قول رسوله صلي الله عليه وسلم ، أو قول صحابته رضوان الله عليهم أجمعين .
3-    أن ما دونه الأئمة الأربعة : مالك والشافعي و أحمد و أبو حنيفة وما رأوه وقالوه من مسائل الدين والفقه ، والشرع هو مستمد من كتاب الله وسنه رسوله صلي الله عليه وسلم ، وليس لهم إلا ما فهموه من هذين الأصلين أو استبطوه منهما أو قاسوه عليهما ، إذ أغوزهما النص منهما أو الإشارة أو الإيمان فيهما .
4-    يري أن الأخذ بما دونه أحد هؤلاء  الأعلام من مسائل الفقه والدين جائز و أن العمل به عمل بشريعة الله عز وجل ما لم يعارض بنص صريح من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، فلا يترك قول الله أو قول رسوله صلي الله عليه وسلم لقول أحد من خلقة كائناً من كان ، وذلك  لقوله تعالي : " يا أيها الذين آمنوا لاتقدموا بين يدي الله ورسوله " الحجرات : 1 ، وقوله : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا ) الحشر : 7 ، و قوله : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب : 36 ، و قوله صلي الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد  وقوله صلي الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) .
5-    يري أنهم بشر يصيبون ويخطئون ، فقد يخطئ أحدهم الحق في مسالة ما من المسائل ، لا عن قصد وعمد حاشاهم ولكن عن غفلة أو سهو ، أو لنسيان أو عدم إحاطة ، فلهذا ، المسلم لا يتعصب لرأي أحدهم دون آخر بل له أن يأخذ عن أي واحد منهم ولا يرد قولهم إلا لقول الله أو قول رسول الله صلي الله عليه وسلم
6-    يعذرهم فيما اختلفوا فيه من بع1ض مسائل الدين الفرعية ويري أن أختلافهم جهلاً منهم ولا عن تعصب لآرائهم و إنما كان : غما ان المخالف لم يبلغه الحديث ، أو رأي نسخ هذا الحديث الذي لم يأخذ به أو عارضه حديث أخر بلغه فرجحه عليه أو فهم منه ما لم يفهمه غيره إذ من الجائز أن تختلف الأفهام في مدلول اللفظ فيحمله كل علي فهمه الخاص ومثال هذا ما فهمه الإمام الشافعي رحمة الله من نقض الوضوء بمس المرأة مطلقاً فهما من قوله تعالي : ( أو لامستم النساء ) المائدة : 6 ، فقد فهم من ( أو لامستم ) : المس ولم ير غيره فقال بوجوب الوضوء بمجرد المس وفهم غيره أن المراد الملامسة في الآية الجماع فلم يوجبوا الوضوء بمجرد المس  بل لابد من قدر زائد كالقصد أو وجود اللذة أو وجود اللذة
وقد يقول قائل : لم لا يتنازل الشافعي عن فهمه ليوافق باقي الأئمة  ويقطع دابر الخلاف عن الأمة .
الجواب : أنه لا يجوز له أبداً أن يفهم عن ربه شيئاً لا يخالجة فيه أدني ريب ثم يتركه لمجرد رأي أو فهم إمام أخر فيصبح متبعاً ببقول الناس تاركاً لقول الله وهو من أعظم الذنوب عند الله سبحانة وتعالي
نعم . لو أن فهمه من النص عارضه نص صريح من كتاب أو سنة لوجب عليه التمسك بدلالة النص الظاهرة ويترك ما فهمه من ذلك اللفظ الذي دلالته ليست نصاً صريحاً ولا ظاهراً إذ لو كانت دلالته قطعية لما اختلف فيها أثنان من عامة الأمة فضلاً عن الأئمة
و أما ولاة أمور المسلمين فإنه :
1- يري وجوب طاعتهم لقوله تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله  وأطيعوا الرسول و أولي الأمر النساء : 59 ، ولقول رسول الله صلي الله لعيه وسلم : ( اسمعوا و أطيعوا و إن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصي الله ، ومن أطاع أميري فقد اطاعني ومن عصي أميري فقد عصاني )
ولكن لا يري طاعتهم في معصية الله عز وجل لأن طاعة الله مقدمة علي طاعتهم في قوله تعالي : ( ولا يعصينك في معروف ) الممتحنة : 12 ) ، ولأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال : ( إنما الطاعة في  المعروف ، وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وقوله : (لا طاعة في معصية الله  وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم : ( السمع والطاعة علي المرء المسلم فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
و أما ولاة أمور المسلمين فإنه :
1-  يري وجوب طاعتهم لقوله تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله  وأطيعوا الرسول و أولي الأمر ( النساء : 59 ، ولقول رسول الله صلي الله لعيه وسلم : ( اسمعوا و أطيعوا و إن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصي الله ، ومن أطاع أميري فقد اطاعني ومن عصي أميري فقد عصاني )
ولكن لا يري طاعتهم في معصية الله عز وجل لأن طاعة الله مقدمة علي طاعتهم في قوله تعالي : ( ولا يعصينك في معروف ) الممتحنة : 12 ) ، ولأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال : ( إنما الطاعة في  المعروف ، وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وقوله : (لا طاعة في معصية الله ) وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم : ( السمع والطاعة علي المرء المسلم فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
2- يري حرمة الخروج عليهم  أو إعلان معصيتهم لما في ذلك من شق عصا الطاعة علي سلطان المسلمين ، ولقول الرسول صلي الله عليه وسلم ( من كره من أمير شيئاً فليصبر ، فغنه من خرج من السلطان شبراًُ مات ميتة جاهلية ) وقوله :( من أهان السلطان أهانه الله )
3- أن يدعو لهم بالصلاح والسداد والتوفيق والعصمة من الشر ومن الوقوع في الخطأ إذ صلاح الأمة في صلاحهم وفسادهم و أن ينصح لهم في غير إهانة وانتقاض كرامة لقوله صلي الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) قلنا : لمن ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
4- أن يجاهد وراءهم ويصلي خلفهم و إن فسقوا وارتكبوا  المحرمات التي هي دون الكفر لقوله صلي الله عليه وسلم لمن سأله عن طاعة أمراء السوء : ( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حلموا وعليكم ما حلمتم ) وقول عبادة بن الصامت : بايعنا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا و ألا ننازع الأمر أهله . قال : ( إلا أن تروا كفراً بواحا عندكم فيه من الله برهان ) .
 

الإيمان بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآدابه

    يؤمن المسلم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي كل مسلم مكلف قادر علم بالمعروف ورآه متروكاً ، أو علم بالمنكر ورآه مرتكباً وقدر علي الأمر أو التغيير بيدة أو بلسانه
    وإنه من أعظم الواجبات الدينية  بعد الإيمان بالله تعالي إذ ذكره الله تعالي في كتابه العزيز مقروناً بالإيمان به عز وجل ، فقال تعالي : ( كنتم أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران : 110 ، و ذلك للأدلة النقلية السمعية المنطقية الآتية :
الأدلة النقلية :
1-     1 أمرة تعالي به في قوله : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) آل عمران : 104
2-     إخباره تعالي عن أهل نصرته وولايته بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في قوله  (  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) الحج : 41 ، وفي قوله : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ) التوبة 71 ، وفي قوله سبحانة فيما أخبر به عن وليه عليه السلام  وهو يعظ ابنه : ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر وأصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان : 17 ، وفي قوله تعالي فيما نعاه علي بني إسرائيل :( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه -لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة  : 78-79 ، وفي قوله تعالي فيما ذكره عن بني إسرائيل من أنه تعالي نجي الآمرين بالمعروف والتاهين عن المنكر وأهلك الناركين لذلك : ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) الأعراف :165 ،
3-     أمر الرسول صلي الله عليه وسلم به في قوله : " من راي منكم منكراُ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وفي قوله : ( لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم "
4-     إخبارة صلي الله عليه وسلم : ( ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعلوا ، إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ) ، وفي قوله لأبي ثعلبه الخشني لما سأله عن تفسير قوله تعالي : ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم ) المائدة : 105 ، فقال : ( يا ثعلبه ، مر بالمعروف و أنه عن المنكر ، فإذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعاً ودنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم للمتمسك فيها بمثل الذي أنتم عليه أجر خمسين منكم قيل بل منهم يا رسول الله قال : لا بل منكم لأنكم تجدون علي الخير أعواناً ولا يجدون عليه أعواناً ، وقوله صلي الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من  أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( عندما سئل عن أفضل الجهاد ، فقال " كلمة حق عند سلطان جائر ) .
الأدلة العقلية
1-     لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة ان المرض إذا أهمل ولم يعالج استشري في الجسم وعسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه ، وكذلك المنكر إذا ترك فلم يغير فإنه لا يلبث أن يألفه الناس ويفعله كبيرهم وصغيرهم وعندئذ يصبح من غير السهل تغيره أو إزالته ، ويومها يستوجب فاعلوه العقاب من الله ، العقاب الذي لا يمكن أن يتخلف  بحال ، إذ أنه من جار علي سنن الله تعالي التي لا تتبدل ولا تتغير : ( فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر : 43 .
2-     حصل بالمشاهدة أن المنول إذا أهمل ولم ينظف ولم تبعد منه النفايات والوساخ فترة من الزمان يصبح غير صالح للسكن إذ تتعفن ريحه ويتسمم هواؤه وتنتشر فيه الجراثيم والأوبئة لطول ما تراكمت فيه الأوساخ وكثره ما تجمعت القاذورات وكذلك الجماعة من المؤمنين إذا أهمل فيهم المنكر فلا يتغير والمعروف فلم يؤمر به لا يلبثوا أن يصحوا خبثاء الأرواح شريري النفوس لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ويؤمئذ يصبحون غير صالحين للحياة فيهلكهم الله بما شاء من أسباب ووسائط و إن بطش ربك لشديد عزيز ذو انتقام
3-     عرف بالملاحظة أن النفس البشرية تعتاد القبيح فيحسن عندها ، وتألف الشر فيصبح طبيعة لها فذلك شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن المعروف إذا ترك ولم تؤمر به ساعة  تركه لا يلبث الناس أن يعتادوا تركه ويصبح فعله عندهم من المنكر وكذلك المنكر إذا لم يبادر إلي تغييره و إزالته لم يمض يسير من الزمن حتى يكثر وينتشر ، ثم يعتاد ويؤلف ، ثم يصبح في نظر مرتكبيه غير منكر بل يرونه هو المعروف بعينه ، وهذا هو انطماس البصيرة والمسح الفكري والعياذ بالله تعالي من اجل هذا أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و أوجباه فريضة علي المسلمين إبقاء لهم علي طهرهم وصلاحهم ومحافظة لهم علي شرف مكانتهم بين الأمم والشعوب .
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1-     أن يكون عالماً بحقيقة ما يأمر به من أنه معروف في الشرع ، وانه قد ترك بالفعل ، كما يكون عالماً بحقيقة المنكر الذي ينهي عنه ويريد تغييره و أن يكون قد ارتكب حقيقة و أنه مما ينكر الشرع من المعاصي والمحرمات
2-     أن يكون روعا لا يأتي الذي ينهي عنه ولا يترك الذي يأمر به لقوله تعالي : " يأأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف : 2-3 ، وقوله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) البقرة : 44
3-     أن يكون حسن الخلق ، حليماً  يأمر بالرفق وينهي باللين ، لا يجد في نفسه إذا ناله سوء ممن نهاه ، ولا يغضب إذا لحقه أذي ممن أمره ، بل يصبر ويعفو ويصفح لقوله تعالي : ( و أمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
4-     ألا يتعرف إلي المنكر بواسطة التجسس ، إذ لا ينبغي لمعرفة المنكر أن يتجسس علي الناس في بيوتهم أو يرفع ثياب أحدهم ليري ما تحتها أو يكشف الغطاء ليعرف ما في الوعاء إذ الشرع أمر يستر عورات الناس ونهي عن التحسس عنهم والتجسس عليهم ، قال تعالي : ( ولا تجسسوا ) الحجرات : 12 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم  " لا تجسسوا " ، وقال صلي  الله عليه وسلم " من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والأخره "
5-     قبل أن يامر من أراد أمره أن يعرفه بالمعروف ، إذ قد يكون تركه له لكونه لم يعرف أنه من المعروف كما يعرف من أراد نهيه عن المنكر بان ما فعله من المنكر ، إذ قد يكون فعله له ناتجاً عن كونه لم يعرف أنه من المنكر
6-     أن يأمر وينهي بالمعروف ، فإن لم يفعل التارك للمعروف ولم يترك المرتكب للمنهي استعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول ، فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز استظهر عليه بالحكومة أو بالإخوان .
7-     فغن عجز عن تغيير المنكر بيده  ولسانه بان خاف  علي نفسه أو ماله أو عرضه وكان لا يطيق الصبر علي ما يناله أكتفي بتغيير المنكر بقلبه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " من راي منك منكراً  فليغيره بيده فإن لم يستطع .... " الحديث .  

الإيمان بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآدابه

    يؤمن المسلم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي كل مسلم مكلف قادر علم بالمعروف ورآه متروكاً ، أو علم بالمنكر ورآه مرتكباً وقدر علي الأمر أو التغيير بيدة أو بلسانه
    وإنه من أعظم الواجبات الدينية  بعد الإيمان بالله تعالي إذ ذكره الله تعالي في كتابه العزيز مقروناً بالإيمان به عز وجل ، فقال تعالي : ( كنتم أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران : 110 ، و ذلك للأدلة النقلية السمعية المنطقية الآتية :
الأدلة النقلية :
1-     1 أمرة تعالي به في قوله : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) آل عمران : 104
2-     إخباره تعالي عن أهل نصرته وولايته بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في قوله  (  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) الحج : 41 ، وفي قوله : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ) التوبة 71 ، وفي قوله سبحانة فيما أخبر به عن وليه عليه السلام  وهو يعظ ابنه : ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر وأصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان : 17 ، وفي قوله تعالي فيما نعاه علي بني إسرائيل :( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه -لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة  : 78-79 ، وفي قوله تعالي فيما ذكره عن بني إسرائيل من أنه تعالي نجي الآمرين بالمعروف والتاهين عن المنكر وأهلك الناركين لذلك : ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) الأعراف :165 ،
3-     أمر الرسول صلي الله عليه وسلم به في قوله : " من راي منكم منكراُ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وفي قوله : ( لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم "
4-     إخبارة صلي الله عليه وسلم : ( ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعلوا ، إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ) ، وفي قوله لأبي ثعلبه الخشني لما سأله عن تفسير قوله تعالي : ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم ) المائدة : 105 ، فقال : ( يا ثعلبه ، مر بالمعروف و أنه عن المنكر ، فإذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعاً ودنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم للمتمسك فيها بمثل الذي أنتم عليه أجر خمسين منكم قيل بل منهم يا رسول الله قال : لا بل منكم لأنكم تجدون علي الخير أعواناً ولا يجدون عليه أعواناً ، وقوله صلي الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من  أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( عندما سئل عن أفضل الجهاد ، فقال " كلمة حق عند سلطان جائر ) .
الأدلة العقلية
1-     لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة ان المرض إذا أهمل ولم يعالج استشري في الجسم وعسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه ، وكذلك المنكر إذا ترك فلم يغير فإنه لا يلبث أن يألفه الناس ويفعله كبيرهم وصغيرهم وعندئذ يصبح من غير السهل تغيره أو إزالته ، ويومها يستوجب فاعلوه العقاب من الله ، العقاب الذي لا يمكن أن يتخلف  بحال ، إذ أنه من جار علي سنن الله تعالي التي لا تتبدل ولا تتغير : ( فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر : 43 .
2-     حصل بالمشاهدة أن المنول إذا أهمل ولم ينظف ولم تبعد منه النفايات والوساخ فترة من الزمان يصبح غير صالح للسكن إذ تتعفن ريحه ويتسمم هواؤه وتنتشر فيه الجراثيم والأوبئة لطول ما تراكمت فيه الأوساخ وكثره ما تجمعت القاذورات وكذلك الجماعة من المؤمنين إذا أهمل فيهم المنكر فلا يتغير والمعروف فلم يؤمر به لا يلبثوا أن يصحوا خبثاء الأرواح شريري النفوس لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ويؤمئذ يصبحون غير صالحين للحياة فيهلكهم الله بما شاء من أسباب ووسائط و إن بطش ربك لشديد عزيز ذو انتقام
3-     عرف بالملاحظة أن النفس البشرية تعتاد القبيح فيحسن عندها ، وتألف الشر فيصبح طبيعة لها فذلك شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن المعروف إذا ترك ولم تؤمر به ساعة  تركه لا يلبث الناس أن يعتادوا تركه ويصبح فعله عندهم من المنكر وكذلك المنكر إذا لم يبادر إلي تغييره و إزالته لم يمض يسير من الزمن حتى يكثر وينتشر ، ثم يعتاد ويؤلف ، ثم يصبح في نظر مرتكبيه غير منكر بل يرونه هو المعروف بعينه ، وهذا هو انطماس البصيرة والمسح الفكري والعياذ بالله تعالي من اجل هذا أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و أوجباه فريضة علي المسلمين إبقاء لهم علي طهرهم وصلاحهم ومحافظة لهم علي شرف مكانتهم بين الأمم والشعوب .
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1-     أن يكون عالماً بحقيقة ما يأمر به من أنه معروف في الشرع ، وانه قد ترك بالفعل ، كما يكون عالماً بحقيقة المنكر الذي ينهي عنه ويريد تغييره و أن يكون قد ارتكب حقيقة و أنه مما ينكر الشرع من المعاصي والمحرمات
2-     أن يكون روعا لا يأتي الذي ينهي عنه ولا يترك الذي يأمر به لقوله تعالي : " يأأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف : 2-3 ، وقوله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) البقرة : 44
3-     أن يكون حسن الخلق ، حليماً  يأمر بالرفق وينهي باللين ، لا يجد في نفسه إذا ناله سوء ممن نهاه ، ولا يغضب إذا لحقه أذي ممن أمره ، بل يصبر ويعفو ويصفح لقوله تعالي : ( و أمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
4-     ألا يتعرف إلي المنكر بواسطة التجسس ، إذ لا ينبغي لمعرفة المنكر أن يتجسس علي الناس في بيوتهم أو يرفع ثياب أحدهم ليري ما تحتها أو يكشف الغطاء ليعرف ما في الوعاء إذ الشرع أمر يستر عورات الناس ونهي عن التحسس عنهم والتجسس عليهم ، قال تعالي : ( ولا تجسسوا ) الحجرات : 12 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم  " لا تجسسوا " ، وقال صلي  الله عليه وسلم " من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والأخره "
5-     قبل أن يامر من أراد أمره أن يعرفه بالمعروف ، إذ قد يكون تركه له لكونه لم يعرف أنه من المعروف كما يعرف من أراد نهيه عن المنكر بان ما فعله من المنكر ، إذ قد يكون فعله له ناتجاً عن كونه لم يعرف أنه من المنكر
6-     أن يأمر وينهي بالمعروف ، فإن لم يفعل التارك للمعروف ولم يترك المرتكب للمنهي استعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول ، فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز استظهر عليه بالحكومة أو بالإخوان .
7-     فغن عجز عن تغيير المنكر بيده  ولسانه بان خاف  علي نفسه أو ماله أو عرضه وكان لا يطيق الصبر علي ما يناله أكتفي بتغيير المنكر بقلبه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " من راي منك منكراً  فليغيره بيده فإن لم يستطع .... " الحديث .  

في أولياء الله وكراماتهم ، وأولياء الشيطان وضلالاتهم

- أولياء الله تعالي :
  يؤمن المسلم بان الله تعالي من عبادة أولياء أستخلصهم لعبادته ، و استعلمهم في طاعته وشرفهم بمحبته وأنالهم من كرامته ، فهو وليهم يحبهم ويقربهم ، وهم أولياؤه يحبونه ويعظمونه يألتمرون بأمره وبه يأمرون وينتهون يحبون بحبه ويبغضه يبغضون ، إذا سألوه أعطاهم ، وإذا استعانوه أعانهم وأنهم هم أهل الإيمان والتقوي والكرامة والبشري في الدنيا وفي الأخري وأن كل مؤمن تقي هو لله ولي غير أنهم يتفاوتون في درجاتهم بحسب تقواهم وإيمانهم فكل من كان حظة من الإيمان والتقوي أوفي ، كانت درجته عند الله أعلي وكانت كرامته أوفر ، فسادات الأولياء هم المرسلون والأنبياء ، ومن بعدهم المؤمنون ، وأن ما يجربه الله علي أيديهم من كرامات كتكثير القليل من الطعام أو إبراد الأوجاع والأسقام أو خوض البحار أو عدم الاحتراق بالنار وما إليه ، هو من جنس المعجزات غير أن المعجزة تكون مقرونة بالتحدي والكرامة عارية عنه غير مرتبطة  به ، وأن من أعظم الكرامات الاستقامة علي الطاعات بفعل المأمورات الشرعية واجتناب المحرمات والمنهيات .
وذلك للأدلة الآتية :
1-  إخباره تعالي عن أوليائه وكرماتهم في قوله : (‏{‏أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏}‏، وفي قوله : ( وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ) وفي قوله سبحانه : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف : 24  ، وفي قوله تعالي ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) الإسراء : 65 ، وقوله ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله ) آل عمران : 37 ، وفي قوله : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:139-144].، وفي قوله : (فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (24)وهزي إليك بجدع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً (25) فكلي و اشربي وقري عيناً ) مريم : 24-26 ، وفي قوله :    ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً علي إبراهيم (29) وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ) الأنبياء : 69-70 ) وفي قوله : ( أم حسب أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا (9) إذ أوي الفتيه إلي الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (10) فضربنا علي آذانهم في الكهف سنين عددا (11) ثم بعثناهم ) الكهف : 9-12 .
2-  إخبار رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أولياء الله وكراماتهم : في قوله فيما يرويه عن ربه عز وجل : " من عادي لي ولياً آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألتني لأعطيته ولئن استعاذني لأعيذته ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم ( إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره " ، وفي قوله : ( لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم  ناس محدثون فإن كان في أمتي أحد فإنه عمر ) وفي قوله صلي الله عليه وسلم : " كانت امرأة توضع ولدها فرأت رجلاً علي فرس فاره فقالت : اللهم اجعل ولدي مثل هذا ، فألتفت إليه الطفل وهو يرضع وقال : اللهم لا تجعلني مثله " ، فنطق الرضيع كرامة للولد والوالدة ... وفي قوله في جريج العابد و أمة وإذ قالت أمه : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات " فاستجاب الله لها كرامة منه تعالي لها ،وقال ولدها جريح لما أتهموه بأن ولد البغي منه :  " قال للولد الرضيع : من أبوك ؟ فقال : راعي الغنم . فنطق الرضيع كرامة لجريح العابد ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم في أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فدعوا الله وتوسلوا إليه بصالح أعمالهم فاستجاب الله لهم وفرجها عنهم حتى خرجوا سالمين كرامة لهم وفي قوله في حديث الراهب والغلام إذ جاء فيه : أن الغلام رمي الدابة التي كانت قد منعت الجماهير من المرور ، رماها بحجر فماتت ومر الناس فكانت كرامه للغلام كما أن الملك حاول قتل الغلام بشتي الوسائل فلم يفلح حتى رماه من جبل شاهق ولم يمت وقذفه في البحر فخرج منه يمشي ولم يمت فكان ذلك كرامة للغلام المؤمن الصالح .
3-  ما رواه ألاف العلماء وشاهدوه من أولياء وكرامات لهم تفوق الحصر . ومن ذلك ما روي أن الملائكة كانت تسلم علي عمران بن حصين رضي الله عنه وأن سلمان الفارسي و أبا الدرداء رضي الله عنهما كانا يأكلان في صحفة فسبحت الصحفة أو الطعام فيها ، وأن خبيبا رضي الله عنه كان أسيراً عند المشركين بمكة فكان يؤتي بعنب يأكله ، وليس بمكة من عنب وأن البراء ابن عازب رضي الله عنه كان إذا أقسم علي الله في شئ استجاب له حتي كان يوم القادسية أقسم علي الله أن يمكن المسلمين من رقاب المشركين وأن يكون أول شهيد في المعركة فكان كما طلب ، وأن عمر بن الخطاب رضي لاله عنه كان يخطب علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينة فإذا به يقول : يا سارية ، الجبل ! يا سارية الجبل ! يوجه قائد معركة يقال له : " سارية "  ، فسمع سارية صوتة وانحاز عمر والصحابة بما سمع من صوت و انحاز بالجيش فكان في ذلك نصرهم وانهزم أعدائهم من المشركين ورجع سارية فأخبر عمر والصحابة بما سمع صوت عمر رضي الله عنه و أن العلاء بن الحضرمي رضي الله كان يقول في دعائة : يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم ، فيستجاب له حتى إنه خاض البحر بسرية معه فلم تبتل سروج خيولهم  ، وأن الحسن البصري دعا الله علي رجل كان يؤذية فخر ميتاً في الحال و أن رجلاً من النخع كان له حمار فمات له في طريق سفره فتوضأ وصلي ركعتين ودعا الله عز وجل ، فأحيا له حماره وحمل عليه متاعه ... إلي غير ذلك من الكرامات التي لا تعد ولا تحصي والتي شاهدها الناس بل ملايين البشر
أولياء الشيطان
  كما يؤمن المسلم بأن للشيطان من الناس أولياء استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله وسول لهم الشر  وأملي لهم الباطل فأصمهم عن سماع الحق و أعمي أبصارهم عن رؤية دلائله فهم له مسخرون ولأوامره مطيعون يغريهم بالشر ويستهويهم إلي الفساد بالتزين حتى عرف لهم المنكر فعرفوه ونكر لهم المعروف فكانوا ضد أولياء الله وحرباً عليهم وعلي النقيض منهم أولئك والوا الله وهؤلاء عادوه ، أولئك أحبوا الله وأرضوه ، هؤلاء أغضبوا الله واسخطوه فعليهم لنه الله وغضبه ، ولو ظهرت علي أيديهم الخوارق كأن طاروا في السماء ، أو مشوا علي سطح الماء ، إذ ليس ذلك إلا استدراجاً من الله لمن عاداه أو عوناً من الشيطان لمن والاه ، وذلك للأدلة التالية :
1-  إخباره تعالي عنهم في قوله : ( والذين كفروا أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( البقرة : 257 ) ، وفي قوله  : ( و إن الشياطين ليوحون إلي أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون ( الأنعام : 121 ) ، وفي قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم ) الأنعام : 128 ، وفي قوله ( ومن يغش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين (36) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) الزخرف : 36-37 وفي قوله : ( إن جعلنا الشياطين أولياء الذين لا يؤمنون ) الأعراف : 30 ، وفي قوله : ( إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ٌ الأعراف :20 ، وفي قوله : ( وقضينا لهم قرناء فزينوا لهم ما من دون الله وما خلفهم ) فصلت : 25 ، وفي قوله ( و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه فتأخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو ) الكهف : 50 .
2-  أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك في قوله لما رأي نجما قد رمي به فاستنار قال مخاطباً أصحابة ( ما كنتم تقولون لمثل هذه في الجاهلية ؟ " قالوا : كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم . فقال : " إنه لا يرمي به لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا تبارك وتعالي إذا قضي أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ثم يسأل أهل السماء حملة العرش : ماذا قال ربنا ؟ فيخبرونهم ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا ، ويخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه إلي أوليائهم فما جاءوا به علي وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان فقال : ( ليسوا بشئ " فقالوا : نعم إنهم يحدثوننا أحيانا بشئ فيكون حقاً فقال : " تلك الكلمة من الق يخطفها الجن فيقرؤها في أذن وليهه فيجعلون معها مائة كذبة وفي قوله : " ما منكم من احد إلا وقد وكل به قرينه " وفي قوله : " إن الشيطان يجري من ابن آدم من العروق فضيقوا عليه مجاريه بالصوم "
3-  ما رآه وشاهدة مئات ألوف البشر من أحوال شيطانية غريبة في كل زمان ومكان تقع لأولياء لأولياء الشيطان ، فمنهم من يكلمه بالغيب ويطلعه علي بعض بواطن الأمور وخفاياها ، ومنهم من يمنع نفوذ السلاح إليه ، ومنهم من يأتيه الشيطان في صورة رجل صالح عندما يستغيث بذلك الصالح لتغريره وتضليله وحمله علي الشرك بالله ومعاصيه ، ومنهم من قد يحمله إلي بلد بعيد أو يأتيه بأشخاص أو حاجات من أماكن بعيدة ... إلي غير ذلك من الأعمال التي تقوي علي فعلها الشياطين ومردة الجان وخبثاؤهم .
     وتحصل هذه الأحوال الشيطانية نتيجة لخبث روح الآدمي بما يتعاطي من ضروب الشر و الفساد والكفر والمعاصي البعيدة عن كل حق وخير ، وإيمان تقوي وصلاح حتى يبلغ الآدمي درجة من خبث النفس وشرها يتحد فيها مع أرواح الشياطين المطبوعة علي الخبث والشر وعندئذ تتم الولاية بينه وبين الشياطين فيوحي بعضهم إلي بعض ويخدم بعضاً كل بما ييقدر عليه ولذا لما يقال لهم يوم القيامة : ( يا معشر الجن قد استكثرتهم من الأنس ) يقول أولياؤهم من الأنس : ( ربنا استمتع بعضنا ببعض ) (الأنعام : 128 )         
    وأما الفرق بين كرامة أولياء الله الربانية وبين الأحوال الشيطانية : فإن يظهر في سلوك العبد وحاله فإن كان ذوي الإيمان والتقوي المتمسكين بشريعة الله ظاهراً وباطناً فما يجري علي يديه من خارقة هو كرامة من الله تعالي له وإن كان ذوي الخبث والشر والبعد عن التقوي المنغمسين في ضروب المعاصي المتوغلين في الكفر والفساد فما يجري علي يديه من خارقة إنما هو من جنس الاستدراج أو من خدمة أوليائه من الشياطين له ومساعدتهم إياه .