الجمعة، 9 ديسمبر 2011

النفس


يؤمن المسلم بأن سعادته فى كلتا حياتية :الاولى والثانية . موقوفة على مدى تأديب نفسه ,وتطبيبها وتزكيتها , وتطهيرها ,كما أن شقاءها منوط بفسادها , وتدسيتها, وخبثها ,وذلك للادلة الاتية : قولة تعالى " قد افلح من زكاها (9)وقد خاب من دساها "وقولة : "ان الذين كذبوا باياتناواستكبروا عنها لاتفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط وكذلك نجزى المجرمين (40)لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزى الظالمين (41) والذين امنوا وعملوا الصالحات لانكلف نفسا الا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " وقولة " والعصر (1) أن الانسان لفى خسر (2) الاالذين أمنوا وعملو الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"وقول الرسول (صلى الله علية وسلم )"كلكم يدخل الجنة الا من أبى " قالوا : ومن أبى يارسول الله ؟ قال " من أطعنى دخل الجنة , ومن عصانى فقد أبى " وقولة (صلى الله علية وسلم ) " كل الناس يغدو فبائع نفسة فمعتقها أو موبقها " كما يؤمن المسلم با ن ماتطهر علية النفس وتزكو هو حسنة الايمان , والعمل الصالح , وان من تتدسي بة وتخبث وتفسد هو سيئة الكفر والمعاصى قال تعالى :" وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل ان الحسنات يذهبن السيئات "وقولة "بل ران على قلوبهم ماكانوايكسبون " وقال رسول الله "(صلى الله عليه وسلم ) "ان المؤمن اذا أذنب ذنبا كان نكته سوداء فى قلبه , فان تاب ونزع واستعتب صقل قلبه , وان زاد زادت حتى تعلق قلبه . فذلك الران الذى قال الله :"كلا بل ران على قلوبهم ماكنوايكسبون " وقولة (صلى الله علية وسلم )"اتق الله حيثما كنت   ,وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ".    من أجل هذا يعيش المسلم عاملا دائما على تأديب نفسه وتزيكيتها وتطهيرها , اذ هى أولى يؤدب , فيأخذها بالادب المزكية لها والمطهرة لادرانها , كما يجنبها كل مايدسيها ويفسدها من يسئ المعتقدات , وفاسد الاقوال والافعال , يجاهدها ليل نهار , ويحاسبها فى كل ساعه , ويحملها على فعل الخيرات , ويدفعها الى الطاعه دفاعا , كما يصرفها عن الشر والفساد صرفا ويردها عنهما ردا , ويتبع فى اصلاحها وتأديبها لتطهر وتزكوا لخطوات التالية: 
ا-التوبة : والمراد منها التخلى عن سائر الزنوب والمعاصى, والندم على كل سالف ,والعزم على عدم العودة الى الذنب فى مقبل العمر وذلك قولة تعالى:"يا أيها الذين أمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم  ويدخلكم جنات تجرى من تحتها الانهار " وقولة "وتوبوا ألى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وقال رسولة (صلى الله علية وسلم )"يا أيها الناس توبوا الى الله فأنى أتوب الى الله فى اليوم ماءه مرة " وقولة :"من تاب قبل ان تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه
ط وقوله :" ان الله عز وجل يبسط بيدة بالليل  ليتوب مسئ النهار , ويبسط يده بالنهارليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " وقولة " لله أشد فرحا بتوبة عبدة المؤمن من رجل فى الارض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه , فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركة العطش . ثم قال : أرجع الى مكانى الذى كنت أنام حتى اموت , فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعندة راحلته وعليها زادة وطعامه وشرابة , فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلتة وزادة " . وما روى من أن الملائكة هنأت ادم بتوبتة بما تاب لله علية
ب_المراقبة :وهى أن يأخذ المسلم نفسه بمراقبة الله تبارك وتعالى ويلزمها اياها فى كل لحظة من لحظات الحياة حتى يتم لها اليقين بأن الله مطلع عليها , عالم بأسرارها ,رقيب على أعمالها , وعلى كل نفس بما كسبت , وبذلك تصبح مستغرقة بملاحظة جلال الله وكمالة , شاعرة بالانس فى ذكرة , واجدة الراحه فى طاعته , راغبة فى جوارة , مقبلة علية معرضة عما سواه وهذا معنى اسلام الوجة فى قولة تعالى :"ومن احسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن " وقولة تعالى" ومن أسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد استمسك بلعروة الوثقى " وهوعين ما دعا الية تعالى فى قولة " وعلموا أن الله يعلم مافى أنفسكم فاحذروه"   وقولة " ان الله كان عليكم رقيبا "
وقولة سبحانه "وماتكون فى شأن وما تتلو منه من قران ولا تعلمون من عمل الا كنا عليكم شهودا اذ تفيضون فيه" وقولة (صلى الله علية وسلم )"ان تعبد الله كأنك تراه , فان لم تكن تراه فانة يراك"
وهونفس مادرج عليه السابقون الجاولون من السلف هذة الامة الصالح ,اذ اخذوا بة انفسهم حتى تم لهم اليقين ووبلغوا درجة المقربين وها هى ذى اثارهم تشهد لهم :
1-   قيل للجنيد رحمه الله , بم يستعان على غض البصر ؟ قال : بعلمك ان نظر الناظر اليك أسبق من نظرك الى المنظور له .
2-   قال سفيان الثورى : عليك بالمراقه ممن لا  تخفى علية خافية , وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء , وعليك بالحذر ممن يملك العقوبه .
3-   قال ابن المبارك لرجل : راقب الله يافلان , فسألة الرجل عن المراقبة فقال له: كن أبدا كأنك ترى الله عزوجل .
4-   قال عبدالله بن دينار : خرجت مع عمر بن الخطاب الى مكة فعرسنا ببعض الطريق فانحدر علينا راع من الجبل , فقال لة عمر : ياراعى بعنا شاة من هذا الغنم ,فقال الراعى انه مملوك ,فقال له عمر : قل لسيدك أكلها الذئب ,فقال العبد :أين الله ؟ فبكى عمر ,وغدا على سيد الراعى فاشتراة منه وأعتقة .
5-   حكى عن بعض الصالحين أنه مر بجماعه يترامون , وواحد جالس بعيدا عنهم فتقدم اليه وأراد ان يكلمه :فقال له :من سبق من هؤلاء ؟ فقال : من غفر الله له ,قال : أين الطريق؟ فأشارلة نحو السماء , وقام ومشى .
6-   وحكى ان "زاليخا" لما خلت بيوسف –علية السلام –فقامت فغطت وجه صنم لها , فقال يوسف –علية السلام –مالك ؟ أتستحين من مراقبة جماد ولا تستحى من مراقبة الملك الجبار ؟ وأنشد بعضهم :  اذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل          خلوت ,ولكن قل على رقيب
ولا حسين  الله يغفل ساعه                ولا أن تخفى علية يغيب
أم تر أن اليوم أسرع ذاهب             وان غدا للناظرين قريب
ج-المحاسبة :  وهى أنة لما كان المسلم عاملا فى هذة الحياة ليلا نهار على مايسعدة فى الدار الاخرة , ويؤهله لكرامتها ورضوان الله فيها , وكانت الدنيا هى موسم العمله كان علية ان ينظر الى الفرائض الواجبه علية كنظر التاجر على رأس ماله , وينظر الى النوافل نظر التاجر الى الارباح الزائدة على رأس المال, وينظر الى المعاصى و الزنوب كالخسارة فى التجارة , ثم يخلو بنفسه ساعه من اخر كل يوم  يحاسب فيها نفسه من عمل يومه فان رأى نقصا فى الفرائض لامها ووبخها , وقام الى جبره ف الحال . فان كان مما قضى قضاة , وان كان مما لايقضى جبره بالاكثار من النوافل , وان رأى نقصا فى النوافل عوض النواقص وجبره و وان راى خسارة بارتكاب المنهى استغفر وندم اناب و وعمل من الخيرما يراة مصلحا لما أفسد.هذا هو المراد من المحاسبة للنفس ,وهى احدى طرق اصلاحها ,وتأتديبها , وتزكيتهاوتطهيرها وأدلتها ما يأتى :
قال تعالى"ياأيها الذين امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون"  فقولة تعالى "ولتنظر نفس "هو أمر بالمحاسبة للنفس على ماقدمت لغدها المنتظر , وقال تعالى"وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون "وقال(صلى الله علية وسلم) انى لاتوب الى الله واستغفرة فى اليوم مائة مرة " وقال عمر رضى الله عنة : حاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا , وكان رضى الله عنه لما شغلته حديقتة عن صلاته خرج منها صدقة لله تعالى, فلم يكن هذا منه الامحاسبته لنفسه وعتابا لها وتأديبا وحكى عن الاحنف بن قيس انة جئ الى المصباح فيضع أصبعه فيه حتى يحس بالنار , ثم يقول لنفسه : ياحنيف ماحملك على ماصنعت يوم كذا ؟ ماحملك على ماصنعت يوم كذا ؟ وحكى أن أحد الصالحين كان غازيا فتكشفت لة امراة فنظر اليها فرفع يدة ولطم عينيه ففقأها : وقال:انك للحاظة الى مايضرك .
ومر بعضهم بغرفه فقال: متى بنيت هذة الغرفة ؟ فاقبل على نفسة وقال : تسأليننى  عما لايعنيك ؟ لاعاقبنك بصوم سنه  فصامها,وروى أن احد الصالحين كان ينطلق الى الرمضاء فيمترغ فيها ويقول لنفسه : زوقى ونالر جهنم اشد نارا , أجيفه باليل بطاله بلنهار ؟ وان احدهم رفع رأسه الى السطح فرأى امراة فنظر اليها فأخذ على نفسه الاينظر الى السماء مادام حيا .
هكذا كان الصالحون من هذة الامة يحاسبون أنفسهم عن تفريطها , ويلومها على تقصيرها , يلزمونها التقوى وينهونها عن الهوى عملا بقولة:تعالى "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى (40)فان الجنه هى المأوى"
د-المجاهدة:  وهى أن يعلم المسلم أن أعدى اعدائة الية هونفسه التى بين جنبية وأنها بطبعها مايله الى الشر , فرارة من الخير,أمارة بلسؤ : " وما أبرئ نفسي ان النفس لامارة بل لسوء ". تحب الدعه والخلود الى الراحه , وترغب فى البطاله وتنجرف مع الهوى, تستهويها الشهوات العاجلة وان كان فيها حتفها وشقاؤها .
فاذا عرف المسلم هذا عبأنفسة لمجاهدة  نفسه فأعلن عليها الحرب وشهر ضدها السلاح , وصمم على مكافحه رعونتها ومناجزة شهواتها , فاذا احبت الراحه اتعبها ,واذارغبت فى الشهوة حرمها , واذا قصرت فى الطاعه أو خير عاقبها ولامها ثم الزمها بفعل ما قصرت فية وقضاء مافوتته او اتركته . يأخذها بهذا التأديب حتى تطمئن وتطهر وتطيب وتلك غاية المجاهد للنفس . قال تعالى : " والذين جاهدوا فينا لنهديهم سلبنا وان الله لمع المحسنين " والمسلم اذ يجاهد نفسة فى ذات الله تطيب وتطهر وتطمئن وتصبح أهلا لكرامة الله تعالى ورضاة يعلم ان هذا الدرب للصالحين وسبيل المؤمنين الصادقين فيسلكه مقتديا بهم ويسير معهم مقتفيا أثارهم . فرسول الله (صلى الله علية وسلم) قام الليل حتى تفطرت قدماة  الشريفتان وسئل (صلى الله علية وسلم) فى ذلك فقال : "أفلا احب ان اكون عبدا شكورا "  .   اى مجاهدة أكبر من هذة المجاهدة وايم الله .؟ وعلى رضى الله عنه يتحدث عن أصحاب رسول الله (صلى الله علية وسلم)فيقول :والله لقد رأيت أصحاب محمد (صلى الله علية وسلم) وا أرى شيئا يشبههم كانو يصبحون شعاثا غبرا صفرا قد باتو سجودا وقياما ,يتلون كتاب الله يراحون بين أقدامهم وجباههم ,وكانوا أذا ذكرا الله مادوا كما يمد الشجر فى يوم الريح , وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم.وقال أبو الدرداء رضى الله عنه : "لولا ثلاث ما أحببت العيش يوما واحدا : الظمأ لله بالهواجر والسجود له فى جوف الليل ,ومجالسة قوم ينتقون أطياب الكلام , ينتقى أطياب الثمر .  وعاتب عمر بن الخطاب رضى الله عنة نفسة على تفويت صلاة العصر فى جماعه ¸وتصدق بارض من أجل ذلك تقدر قينتها بمأتى ألف دينار وكان عبدالله بن عمر رضى الله عنهما اذا فاتته صلاه فى الجماعه أحيا تلك الليله بكاملها , وأخر يوما صلاة المغرب حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين . وكان على رضى الله عنه يقول :رحم الله أقواما يحسبهم الناس مرضى وما هم بمرضى,وذلك من اثار مجاهدة النفس , والرسول (صلى الله علية وسلم يقول )" خير الناس من طال عمره وحسن عملة " وكان أويس القرنى رحمة الله يقول:هذة ليلة الركوع فيحيا الليل كله فى ركعه و واذا كانت الليلة الاتية فقال:هذة ليلة السجود فيحيا الليل كلة فى سجدة "    وقال ثابت البنانى رحمة الله : اذا أدركت رجالا كان احدهم يصلى فيعجز أن يأتى فراشة الا حبوا , وكان احدهم يقوم حتى تتورم قدماة من طول القيام , ويبلغ من الاجتهاد فى العبادة مبلغ ما لو قيل له:القيامه غدا ماوجد مزيدا , وكان اذ جاء الشتاء يقوم فى السطح حتى يضربة الهواء البارد فلا ينام , واذاجاء الصيف قام تحت الصقف ليمنعه الحر من النوم , وكان بعضهم يموت وهو فى ساجد  . وقالت امراة مسروق رضى الله وكان مسروق لايوجد الاوساقاه منتفختان من طول القيام ووالله ان كنت اجلسى جنبة وهو قائم يصلى فأبكى رحمه له وكا منهم من اذ بلغ الاربعين من عمره طوى فراشة فلا ينام عليه فقط , ويروى أنامراة صالحه من صالح السلف لها (عجرة)  مكفوفه البصر , وكانت اذا جاء السحر نادت بصوت لها محزون :اليك قطع ااععابدون دجى اللياللى يستبقون الى رحمتك وفضله مغفرتك فبك الهى  اسالك لابغيرك-أن تجعلنى فى اول زمرة السابقين ,أن ترفعنى
لدييك فى عليين فى درجة مقربي ,وأن تلحقنى بعبادك الصالحين , فأنت ارحم الراحمين ، واعظم العظماء واكرم الكرماء .ياكريم .ثم تخر ساجدا ولاتزال تدعو وتبكى الى الفجر .