الأحد، 30 أكتوبر 2011

الإيمان بوجوب محبة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم

الإيمان بوجوب محبة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم
و أفضليتهم و إجلال أئمة الإسلام وطاعة ولاة أمور المسلمين

يؤمن المسلم بوجودب محبه أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم و آل بيته و أفضليتهم علي من سواهم من المؤمنين والمسلمين ، وأنهم فيما بينهم متفاوتون في الفضل وعلو الدرجة بحسب أسبقيتهم في الإسلام .
فأفضليتهم : الخلفاء الراشدون الأربعه : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالي عنهم اجمعين ثم العشرة المبشرون بالجنه وهم الراشدون الأربعه وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة عامر بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف ثم أهل بدر ثم المبشرون بالجنة من غير العشرة كفاطمة الزهراء وولديها الحسن والحسنين وثابت بن قيس و بلال بن رباح وغيرهم ثم أهل بيعة الرضوان وكانوا ألفا و أربعمائة صحابي رضي الله عنهم أجمعين
   كما يؤمن المسلم بوجوب إجلال أئمة الإسلام واحترامهم وتوقيرهم والتأدب معهم عند ذكرهم وهم أئمة الدين و اعلام الهدي كالقراء والفقهاء والمحدثين والمفسرين من التابعين وتابعي تابيعهم رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين .
    كما يؤمن المسلم بواجب طاعه ولاة أمور المسلمين وتعظيمهم واحترامهم والجهاد معهم والصلاة خلفهم وحرمة الخروج عليهم ولذا فهو يلتزم  حيال كل المذكورين بآداب خاصة
أما أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم و آل بيته فإنه :
1-     يحبهم لحب الله تعالي وحب رسوله صلي الله عليه وسلم لهم إذ أخبر تعالي أنه يحبهم ويحبونه في قوله : ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومه لائم ) المائدة : 54 ،  كما قال في وصفهم : ( محمد رسول الله  والذين معه أشداء علي الكفار رحماء بينهم ) الفتح : 29 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( الله الله في اصحابي لا تتخذونهم عرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله ، ومن آذي الله يوشك أن يأخذه )
2-      يؤمن بأفضليتهم علي غيرهم من سائر المؤمنين والمسلمين لقوله تعالي في ثنائه عليهم ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ) التوبة : 100                                                                                    وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( لا تسبوا أصحابي فغن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نضيفه
3-       أن يري أن أبا بكر الصديق أفضل أصحاب رسول الله صلي اللع عليه وسلم ومن دونهم علي الإطلاق و أن الذين يلونه في الفضل هم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين وذلك لقوله صلي الله عليه وسلم ( لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي ) وقول أبن عمر رضي الله عنهما : كنا نقول والنبي صلي الله عليه وسلم حي  : أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، فبلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم فلم ينكرها ، ولقول علي رضي الله عنه خير الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ولو شئت لسميت الثالث – يعني عثمان  - رضي الله عنهم أجمعين .
4-               أن يقر بمزاياهم ويعترف بمناقبهم  ، كمنقبة أبي بكر وعمر وعثمان في قول الرسول صلي الله عليه وسلم لأحد وقد رجف بهم وهم فوقه : " اسكن أحد إنما عليك نبي وصديق وشهيدان " . وكقوله لعلي رضي الله عنه : " أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي ؟ " ، وقوله : " فاطمة سيدة نساء أهل الجنة " ، وكقوله للزبير بن العوام  " إن لكل نبي حواريا ، و إن حواريي الزبير بن العوام رجل صالح ، وكقوله في الحسن والحسين : " اللهم أحبهما فإني أحبهما وقوله لعبد الله بن عمر " إن عبد الله رجل صالح وقوله  زيد بن حارثه : " أنت أخونا ومولانا " ، و قوله لجعفر بن أبي طالب : " أشبهت خلقي وخلقي ، وقوله لبلال بن رباح : " سمعت دف تعليك بين يدي في الجنة وكقوله  في سالم مولي أبي حذيفة وعبد الله بن مسعود و أبي بن كعب ومعاذ بن جبل : " استقرئوا  القرآن من أربعه من عبد الله بن مسعود وسالم مولي أبي حذيفة و أبي بن كعب ومعاذ بن جبل " وكقوله في عائشة : " وفضل عائشة علي النساء ، كفضل الثريد علي سائر الطعام وكقوله في الأنصار : " لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ت وقال " الأنصار لا يحبهم إلا المؤمن ولا يبغضهم إلا منافق فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله " ، وكقوله في سعد بن معاذ : " أهتز العرش لموت سعد بن معاذ ، وكمنقبة أسيد بن حضير ، إذ كان مع أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فلما خرجا إذا نور بين أيديهما يمشيان فيه فلما تفرقاً تفرق النور معهما ، وكقوله لأبي بن كعب : " إن الله أمرني أن اقرأ عليك : " لم يكن الذين كفروا ...... ) قال وسماني ؟ ! قال : " نعم " فبكي أبي ، وكقوله في خالد بن الوليد بين فئتين من المسلمين " ،  وكقوله في  الحسن : " وكقوله في أبي عبيدة : " لكل أمة أمين و إن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة أبن الجراح رضي الله عنهم و أرضاهم أجمعين
5-          يكف عن ذكر مساوئهم ويسكت عن الخلاف الذي شجر بينهم لقول الرسول صلي الله عليه وسلم " لا تسبوا أصحابي " وقوله : " لا تتخذوهم غرضاً بعدي وقوله : " فمن آذاهم فقد أذاني ومن آذاني فثد آذي الله ومن آذي الله يوشك أن يأخذه  "
6-        أن يؤمن بحرمة زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم ، و أنهن طاهرات مبرآت وأن يترضي عليهن ويري أن افضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر وذلك لقول الله تعالي : ( التبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم ) الأحزاب :6
 و أما أئمة الإسلام من قراء ومحدثين وفقهاء فإنه :     

1-    يحبهم ويترحم عليهم ويستغفر لهم ، ويعترف لهم بالفضل لأنهم ذكروا في قول الله تعالي : ( والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ) التوبة : 100 ، وفي قول الرسول صلي الله عليه سولم : ( خيركم قرني ثم يلونهم ثم الذين يلونهم " فعامة القراء والمحدثين والفقهاء والمفسرين كانوا من أهل هذه القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالخير وقد أثني الله علي المستغفرين لمن سبقوا بالإيمان في قوله : ( ربنا ا غفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ) الحشر : 10 ، فهو إذا يستغفر لكل المؤمنين والمؤمنات .
2-    لا يذكرهم إلا بخير ، ولا يعيب عليهم قولاً ولا رأياً ، ويعلم أنهم كانوا مجتهدين مخلصين فيتأدب معهم عند ذكرهم ويفضل رأيهم علي راي من بعدهم وما رأوه علي ما رآه من أتي بعدهم من علماء وفقهاء ومفسرين ومحدثين ولا يترك قولهم إلا لقول الله أو قول رسوله صلي الله عليه وسلم ، أو قول صحابته رضوان الله عليهم أجمعين .
3-    أن ما دونه الأئمة الأربعة : مالك والشافعي و أحمد و أبو حنيفة وما رأوه وقالوه من مسائل الدين والفقه ، والشرع هو مستمد من كتاب الله وسنه رسوله صلي الله عليه وسلم ، وليس لهم إلا ما فهموه من هذين الأصلين أو استبطوه منهما أو قاسوه عليهما ، إذ أغوزهما النص منهما أو الإشارة أو الإيمان فيهما .
4-    يري أن الأخذ بما دونه أحد هؤلاء  الأعلام من مسائل الفقه والدين جائز و أن العمل به عمل بشريعة الله عز وجل ما لم يعارض بنص صريح من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ، فلا يترك قول الله أو قول رسوله صلي الله عليه وسلم لقول أحد من خلقة كائناً من كان ، وذلك  لقوله تعالي : " يا أيها الذين آمنوا لاتقدموا بين يدي الله ورسوله " الحجرات : 1 ، وقوله : ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا ) الحشر : 7 ، و قوله : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب : 36 ، و قوله صلي الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد  وقوله صلي الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) .
5-    يري أنهم بشر يصيبون ويخطئون ، فقد يخطئ أحدهم الحق في مسالة ما من المسائل ، لا عن قصد وعمد حاشاهم ولكن عن غفلة أو سهو ، أو لنسيان أو عدم إحاطة ، فلهذا ، المسلم لا يتعصب لرأي أحدهم دون آخر بل له أن يأخذ عن أي واحد منهم ولا يرد قولهم إلا لقول الله أو قول رسول الله صلي الله عليه وسلم
6-    يعذرهم فيما اختلفوا فيه من بع1ض مسائل الدين الفرعية ويري أن أختلافهم جهلاً منهم ولا عن تعصب لآرائهم و إنما كان : غما ان المخالف لم يبلغه الحديث ، أو رأي نسخ هذا الحديث الذي لم يأخذ به أو عارضه حديث أخر بلغه فرجحه عليه أو فهم منه ما لم يفهمه غيره إذ من الجائز أن تختلف الأفهام في مدلول اللفظ فيحمله كل علي فهمه الخاص ومثال هذا ما فهمه الإمام الشافعي رحمة الله من نقض الوضوء بمس المرأة مطلقاً فهما من قوله تعالي : ( أو لامستم النساء ) المائدة : 6 ، فقد فهم من ( أو لامستم ) : المس ولم ير غيره فقال بوجوب الوضوء بمجرد المس وفهم غيره أن المراد الملامسة في الآية الجماع فلم يوجبوا الوضوء بمجرد المس  بل لابد من قدر زائد كالقصد أو وجود اللذة أو وجود اللذة
وقد يقول قائل : لم لا يتنازل الشافعي عن فهمه ليوافق باقي الأئمة  ويقطع دابر الخلاف عن الأمة .
الجواب : أنه لا يجوز له أبداً أن يفهم عن ربه شيئاً لا يخالجة فيه أدني ريب ثم يتركه لمجرد رأي أو فهم إمام أخر فيصبح متبعاً ببقول الناس تاركاً لقول الله وهو من أعظم الذنوب عند الله سبحانة وتعالي
نعم . لو أن فهمه من النص عارضه نص صريح من كتاب أو سنة لوجب عليه التمسك بدلالة النص الظاهرة ويترك ما فهمه من ذلك اللفظ الذي دلالته ليست نصاً صريحاً ولا ظاهراً إذ لو كانت دلالته قطعية لما اختلف فيها أثنان من عامة الأمة فضلاً عن الأئمة
و أما ولاة أمور المسلمين فإنه :
1- يري وجوب طاعتهم لقوله تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله  وأطيعوا الرسول و أولي الأمر النساء : 59 ، ولقول رسول الله صلي الله لعيه وسلم : ( اسمعوا و أطيعوا و إن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصي الله ، ومن أطاع أميري فقد اطاعني ومن عصي أميري فقد عصاني )
ولكن لا يري طاعتهم في معصية الله عز وجل لأن طاعة الله مقدمة علي طاعتهم في قوله تعالي : ( ولا يعصينك في معروف ) الممتحنة : 12 ) ، ولأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال : ( إنما الطاعة في  المعروف ، وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وقوله : (لا طاعة في معصية الله  وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم : ( السمع والطاعة علي المرء المسلم فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
و أما ولاة أمور المسلمين فإنه :
1-  يري وجوب طاعتهم لقوله تعالي : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله  وأطيعوا الرسول و أولي الأمر ( النساء : 59 ، ولقول رسول الله صلي الله لعيه وسلم : ( اسمعوا و أطيعوا و إن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ) ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصي الله ، ومن أطاع أميري فقد اطاعني ومن عصي أميري فقد عصاني )
ولكن لا يري طاعتهم في معصية الله عز وجل لأن طاعة الله مقدمة علي طاعتهم في قوله تعالي : ( ولا يعصينك في معروف ) الممتحنة : 12 ) ، ولأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال : ( إنما الطاعة في  المعروف ، وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) وقوله : (لا طاعة في معصية الله ) وقال أيضاً صلي الله عليه وسلم : ( السمع والطاعة علي المرء المسلم فيما احب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )
2- يري حرمة الخروج عليهم  أو إعلان معصيتهم لما في ذلك من شق عصا الطاعة علي سلطان المسلمين ، ولقول الرسول صلي الله عليه وسلم ( من كره من أمير شيئاً فليصبر ، فغنه من خرج من السلطان شبراًُ مات ميتة جاهلية ) وقوله :( من أهان السلطان أهانه الله )
3- أن يدعو لهم بالصلاح والسداد والتوفيق والعصمة من الشر ومن الوقوع في الخطأ إذ صلاح الأمة في صلاحهم وفسادهم و أن ينصح لهم في غير إهانة وانتقاض كرامة لقوله صلي الله عليه وسلم : ( الدين النصيحة ) قلنا : لمن ؟ قال : ( لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .
4- أن يجاهد وراءهم ويصلي خلفهم و إن فسقوا وارتكبوا  المحرمات التي هي دون الكفر لقوله صلي الله عليه وسلم لمن سأله عن طاعة أمراء السوء : ( اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حلموا وعليكم ما حلمتم ) وقول عبادة بن الصامت : بايعنا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا و ألا ننازع الأمر أهله . قال : ( إلا أن تروا كفراً بواحا عندكم فيه من الله برهان ) .
 

الإيمان بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآدابه

    يؤمن المسلم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي كل مسلم مكلف قادر علم بالمعروف ورآه متروكاً ، أو علم بالمنكر ورآه مرتكباً وقدر علي الأمر أو التغيير بيدة أو بلسانه
    وإنه من أعظم الواجبات الدينية  بعد الإيمان بالله تعالي إذ ذكره الله تعالي في كتابه العزيز مقروناً بالإيمان به عز وجل ، فقال تعالي : ( كنتم أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران : 110 ، و ذلك للأدلة النقلية السمعية المنطقية الآتية :
الأدلة النقلية :
1-     1 أمرة تعالي به في قوله : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) آل عمران : 104
2-     إخباره تعالي عن أهل نصرته وولايته بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في قوله  (  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) الحج : 41 ، وفي قوله : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ) التوبة 71 ، وفي قوله سبحانة فيما أخبر به عن وليه عليه السلام  وهو يعظ ابنه : ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر وأصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان : 17 ، وفي قوله تعالي فيما نعاه علي بني إسرائيل :( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه -لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة  : 78-79 ، وفي قوله تعالي فيما ذكره عن بني إسرائيل من أنه تعالي نجي الآمرين بالمعروف والتاهين عن المنكر وأهلك الناركين لذلك : ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) الأعراف :165 ،
3-     أمر الرسول صلي الله عليه وسلم به في قوله : " من راي منكم منكراُ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وفي قوله : ( لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم "
4-     إخبارة صلي الله عليه وسلم : ( ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعلوا ، إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ) ، وفي قوله لأبي ثعلبه الخشني لما سأله عن تفسير قوله تعالي : ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم ) المائدة : 105 ، فقال : ( يا ثعلبه ، مر بالمعروف و أنه عن المنكر ، فإذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعاً ودنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم للمتمسك فيها بمثل الذي أنتم عليه أجر خمسين منكم قيل بل منهم يا رسول الله قال : لا بل منكم لأنكم تجدون علي الخير أعواناً ولا يجدون عليه أعواناً ، وقوله صلي الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من  أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( عندما سئل عن أفضل الجهاد ، فقال " كلمة حق عند سلطان جائر ) .
الأدلة العقلية
1-     لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة ان المرض إذا أهمل ولم يعالج استشري في الجسم وعسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه ، وكذلك المنكر إذا ترك فلم يغير فإنه لا يلبث أن يألفه الناس ويفعله كبيرهم وصغيرهم وعندئذ يصبح من غير السهل تغيره أو إزالته ، ويومها يستوجب فاعلوه العقاب من الله ، العقاب الذي لا يمكن أن يتخلف  بحال ، إذ أنه من جار علي سنن الله تعالي التي لا تتبدل ولا تتغير : ( فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر : 43 .
2-     حصل بالمشاهدة أن المنول إذا أهمل ولم ينظف ولم تبعد منه النفايات والوساخ فترة من الزمان يصبح غير صالح للسكن إذ تتعفن ريحه ويتسمم هواؤه وتنتشر فيه الجراثيم والأوبئة لطول ما تراكمت فيه الأوساخ وكثره ما تجمعت القاذورات وكذلك الجماعة من المؤمنين إذا أهمل فيهم المنكر فلا يتغير والمعروف فلم يؤمر به لا يلبثوا أن يصحوا خبثاء الأرواح شريري النفوس لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ويؤمئذ يصبحون غير صالحين للحياة فيهلكهم الله بما شاء من أسباب ووسائط و إن بطش ربك لشديد عزيز ذو انتقام
3-     عرف بالملاحظة أن النفس البشرية تعتاد القبيح فيحسن عندها ، وتألف الشر فيصبح طبيعة لها فذلك شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن المعروف إذا ترك ولم تؤمر به ساعة  تركه لا يلبث الناس أن يعتادوا تركه ويصبح فعله عندهم من المنكر وكذلك المنكر إذا لم يبادر إلي تغييره و إزالته لم يمض يسير من الزمن حتى يكثر وينتشر ، ثم يعتاد ويؤلف ، ثم يصبح في نظر مرتكبيه غير منكر بل يرونه هو المعروف بعينه ، وهذا هو انطماس البصيرة والمسح الفكري والعياذ بالله تعالي من اجل هذا أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و أوجباه فريضة علي المسلمين إبقاء لهم علي طهرهم وصلاحهم ومحافظة لهم علي شرف مكانتهم بين الأمم والشعوب .
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1-     أن يكون عالماً بحقيقة ما يأمر به من أنه معروف في الشرع ، وانه قد ترك بالفعل ، كما يكون عالماً بحقيقة المنكر الذي ينهي عنه ويريد تغييره و أن يكون قد ارتكب حقيقة و أنه مما ينكر الشرع من المعاصي والمحرمات
2-     أن يكون روعا لا يأتي الذي ينهي عنه ولا يترك الذي يأمر به لقوله تعالي : " يأأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف : 2-3 ، وقوله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) البقرة : 44
3-     أن يكون حسن الخلق ، حليماً  يأمر بالرفق وينهي باللين ، لا يجد في نفسه إذا ناله سوء ممن نهاه ، ولا يغضب إذا لحقه أذي ممن أمره ، بل يصبر ويعفو ويصفح لقوله تعالي : ( و أمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
4-     ألا يتعرف إلي المنكر بواسطة التجسس ، إذ لا ينبغي لمعرفة المنكر أن يتجسس علي الناس في بيوتهم أو يرفع ثياب أحدهم ليري ما تحتها أو يكشف الغطاء ليعرف ما في الوعاء إذ الشرع أمر يستر عورات الناس ونهي عن التحسس عنهم والتجسس عليهم ، قال تعالي : ( ولا تجسسوا ) الحجرات : 12 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم  " لا تجسسوا " ، وقال صلي  الله عليه وسلم " من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والأخره "
5-     قبل أن يامر من أراد أمره أن يعرفه بالمعروف ، إذ قد يكون تركه له لكونه لم يعرف أنه من المعروف كما يعرف من أراد نهيه عن المنكر بان ما فعله من المنكر ، إذ قد يكون فعله له ناتجاً عن كونه لم يعرف أنه من المنكر
6-     أن يأمر وينهي بالمعروف ، فإن لم يفعل التارك للمعروف ولم يترك المرتكب للمنهي استعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول ، فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز استظهر عليه بالحكومة أو بالإخوان .
7-     فغن عجز عن تغيير المنكر بيده  ولسانه بان خاف  علي نفسه أو ماله أو عرضه وكان لا يطيق الصبر علي ما يناله أكتفي بتغيير المنكر بقلبه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " من راي منك منكراً  فليغيره بيده فإن لم يستطع .... " الحديث .  

الإيمان بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وآدابه

    يؤمن المسلم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر علي كل مسلم مكلف قادر علم بالمعروف ورآه متروكاً ، أو علم بالمنكر ورآه مرتكباً وقدر علي الأمر أو التغيير بيدة أو بلسانه
    وإنه من أعظم الواجبات الدينية  بعد الإيمان بالله تعالي إذ ذكره الله تعالي في كتابه العزيز مقروناً بالإيمان به عز وجل ، فقال تعالي : ( كنتم أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) آل عمران : 110 ، و ذلك للأدلة النقلية السمعية المنطقية الآتية :
الأدلة النقلية :
1-     1 أمرة تعالي به في قوله : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) آل عمران : 104
2-     إخباره تعالي عن أهل نصرته وولايته بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر في قوله  (  الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) الحج : 41 ، وفي قوله : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله ) التوبة 71 ، وفي قوله سبحانة فيما أخبر به عن وليه عليه السلام  وهو يعظ ابنه : ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و أنه عن المنكر وأصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) لقمان : 17 ، وفي قوله تعالي فيما نعاه علي بني إسرائيل :( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داوود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه -لبئس ما كانوا يفعلون ) المائدة  : 78-79 ، وفي قوله تعالي فيما ذكره عن بني إسرائيل من أنه تعالي نجي الآمرين بالمعروف والتاهين عن المنكر وأهلك الناركين لذلك : ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) الأعراف :165 ،
3-     أمر الرسول صلي الله عليه وسلم به في قوله : " من راي منكم منكراُ فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وفي قوله : ( لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم "
4-     إخبارة صلي الله عليه وسلم : ( ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعلوا ، إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده ) ، وفي قوله لأبي ثعلبه الخشني لما سأله عن تفسير قوله تعالي : ( لا يضركم من ضل إذا اهتديتهم ) المائدة : 105 ، فقال : ( يا ثعلبه ، مر بالمعروف و أنه عن المنكر ، فإذا رأيت شحا مطاعا وهوي متبعاً ودنيا مؤثرة و إعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك ودع عنك العوام إن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم للمتمسك فيها بمثل الذي أنتم عليه أجر خمسين منكم قيل بل منهم يا رسول الله قال : لا بل منكم لأنكم تجدون علي الخير أعواناً ولا يجدون عليه أعواناً ، وقوله صلي الله عليه وسلم (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من  أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنهم تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل ، وقوله صلي الله عليه وسلم ( عندما سئل عن أفضل الجهاد ، فقال " كلمة حق عند سلطان جائر ) .
الأدلة العقلية
1-     لقد ثبت بالتجربة والمشاهدة ان المرض إذا أهمل ولم يعالج استشري في الجسم وعسر علاجه بعد تمكنه من الجسم واستشرائه فيه ، وكذلك المنكر إذا ترك فلم يغير فإنه لا يلبث أن يألفه الناس ويفعله كبيرهم وصغيرهم وعندئذ يصبح من غير السهل تغيره أو إزالته ، ويومها يستوجب فاعلوه العقاب من الله ، العقاب الذي لا يمكن أن يتخلف  بحال ، إذ أنه من جار علي سنن الله تعالي التي لا تتبدل ولا تتغير : ( فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر : 43 .
2-     حصل بالمشاهدة أن المنول إذا أهمل ولم ينظف ولم تبعد منه النفايات والوساخ فترة من الزمان يصبح غير صالح للسكن إذ تتعفن ريحه ويتسمم هواؤه وتنتشر فيه الجراثيم والأوبئة لطول ما تراكمت فيه الأوساخ وكثره ما تجمعت القاذورات وكذلك الجماعة من المؤمنين إذا أهمل فيهم المنكر فلا يتغير والمعروف فلم يؤمر به لا يلبثوا أن يصحوا خبثاء الأرواح شريري النفوس لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ويؤمئذ يصبحون غير صالحين للحياة فيهلكهم الله بما شاء من أسباب ووسائط و إن بطش ربك لشديد عزيز ذو انتقام
3-     عرف بالملاحظة أن النفس البشرية تعتاد القبيح فيحسن عندها ، وتألف الشر فيصبح طبيعة لها فذلك شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن المعروف إذا ترك ولم تؤمر به ساعة  تركه لا يلبث الناس أن يعتادوا تركه ويصبح فعله عندهم من المنكر وكذلك المنكر إذا لم يبادر إلي تغييره و إزالته لم يمض يسير من الزمن حتى يكثر وينتشر ، ثم يعتاد ويؤلف ، ثم يصبح في نظر مرتكبيه غير منكر بل يرونه هو المعروف بعينه ، وهذا هو انطماس البصيرة والمسح الفكري والعياذ بالله تعالي من اجل هذا أمر الله ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و أوجباه فريضة علي المسلمين إبقاء لهم علي طهرهم وصلاحهم ومحافظة لهم علي شرف مكانتهم بين الأمم والشعوب .
آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
1-     أن يكون عالماً بحقيقة ما يأمر به من أنه معروف في الشرع ، وانه قد ترك بالفعل ، كما يكون عالماً بحقيقة المنكر الذي ينهي عنه ويريد تغييره و أن يكون قد ارتكب حقيقة و أنه مما ينكر الشرع من المعاصي والمحرمات
2-     أن يكون روعا لا يأتي الذي ينهي عنه ولا يترك الذي يأمر به لقوله تعالي : " يأأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) الصف : 2-3 ، وقوله : ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) البقرة : 44
3-     أن يكون حسن الخلق ، حليماً  يأمر بالرفق وينهي باللين ، لا يجد في نفسه إذا ناله سوء ممن نهاه ، ولا يغضب إذا لحقه أذي ممن أمره ، بل يصبر ويعفو ويصفح لقوله تعالي : ( و أمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور
4-     ألا يتعرف إلي المنكر بواسطة التجسس ، إذ لا ينبغي لمعرفة المنكر أن يتجسس علي الناس في بيوتهم أو يرفع ثياب أحدهم ليري ما تحتها أو يكشف الغطاء ليعرف ما في الوعاء إذ الشرع أمر يستر عورات الناس ونهي عن التحسس عنهم والتجسس عليهم ، قال تعالي : ( ولا تجسسوا ) الحجرات : 12 ، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم  " لا تجسسوا " ، وقال صلي  الله عليه وسلم " من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والأخره "
5-     قبل أن يامر من أراد أمره أن يعرفه بالمعروف ، إذ قد يكون تركه له لكونه لم يعرف أنه من المعروف كما يعرف من أراد نهيه عن المنكر بان ما فعله من المنكر ، إذ قد يكون فعله له ناتجاً عن كونه لم يعرف أنه من المنكر
6-     أن يأمر وينهي بالمعروف ، فإن لم يفعل التارك للمعروف ولم يترك المرتكب للمنهي استعمل عبارات التأنيب والتعنيف والإغلاظ في القول ، فإن لم ينفع ذلك غير المنكر بيده فإن عجز استظهر عليه بالحكومة أو بالإخوان .
7-     فغن عجز عن تغيير المنكر بيده  ولسانه بان خاف  علي نفسه أو ماله أو عرضه وكان لا يطيق الصبر علي ما يناله أكتفي بتغيير المنكر بقلبه لقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " من راي منك منكراً  فليغيره بيده فإن لم يستطع .... " الحديث .  

في أولياء الله وكراماتهم ، وأولياء الشيطان وضلالاتهم

- أولياء الله تعالي :
  يؤمن المسلم بان الله تعالي من عبادة أولياء أستخلصهم لعبادته ، و استعلمهم في طاعته وشرفهم بمحبته وأنالهم من كرامته ، فهو وليهم يحبهم ويقربهم ، وهم أولياؤه يحبونه ويعظمونه يألتمرون بأمره وبه يأمرون وينتهون يحبون بحبه ويبغضه يبغضون ، إذا سألوه أعطاهم ، وإذا استعانوه أعانهم وأنهم هم أهل الإيمان والتقوي والكرامة والبشري في الدنيا وفي الأخري وأن كل مؤمن تقي هو لله ولي غير أنهم يتفاوتون في درجاتهم بحسب تقواهم وإيمانهم فكل من كان حظة من الإيمان والتقوي أوفي ، كانت درجته عند الله أعلي وكانت كرامته أوفر ، فسادات الأولياء هم المرسلون والأنبياء ، ومن بعدهم المؤمنون ، وأن ما يجربه الله علي أيديهم من كرامات كتكثير القليل من الطعام أو إبراد الأوجاع والأسقام أو خوض البحار أو عدم الاحتراق بالنار وما إليه ، هو من جنس المعجزات غير أن المعجزة تكون مقرونة بالتحدي والكرامة عارية عنه غير مرتبطة  به ، وأن من أعظم الكرامات الاستقامة علي الطاعات بفعل المأمورات الشرعية واجتناب المحرمات والمنهيات .
وذلك للأدلة الآتية :
1-  إخباره تعالي عن أوليائه وكرماتهم في قوله : (‏{‏أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏}‏، وفي قوله : ( وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ) وفي قوله سبحانه : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف : 24  ، وفي قوله تعالي ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) الإسراء : 65 ، وقوله ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله ) آل عمران : 37 ، وفي قوله : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:139-144].، وفي قوله : (فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (24)وهزي إليك بجدع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً (25) فكلي و اشربي وقري عيناً ) مريم : 24-26 ، وفي قوله :    ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً علي إبراهيم (29) وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ) الأنبياء : 69-70 ) وفي قوله : ( أم حسب أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا (9) إذ أوي الفتيه إلي الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (10) فضربنا علي آذانهم في الكهف سنين عددا (11) ثم بعثناهم ) الكهف : 9-12 .
2-  إخبار رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أولياء الله وكراماتهم : في قوله فيما يرويه عن ربه عز وجل : " من عادي لي ولياً آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألتني لأعطيته ولئن استعاذني لأعيذته ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم ( إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره " ، وفي قوله : ( لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم  ناس محدثون فإن كان في أمتي أحد فإنه عمر ) وفي قوله صلي الله عليه وسلم : " كانت امرأة توضع ولدها فرأت رجلاً علي فرس فاره فقالت : اللهم اجعل ولدي مثل هذا ، فألتفت إليه الطفل وهو يرضع وقال : اللهم لا تجعلني مثله " ، فنطق الرضيع كرامة للولد والوالدة ... وفي قوله في جريج العابد و أمة وإذ قالت أمه : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات " فاستجاب الله لها كرامة منه تعالي لها ،وقال ولدها جريح لما أتهموه بأن ولد البغي منه :  " قال للولد الرضيع : من أبوك ؟ فقال : راعي الغنم . فنطق الرضيع كرامة لجريح العابد ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم في أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فدعوا الله وتوسلوا إليه بصالح أعمالهم فاستجاب الله لهم وفرجها عنهم حتى خرجوا سالمين كرامة لهم وفي قوله في حديث الراهب والغلام إذ جاء فيه : أن الغلام رمي الدابة التي كانت قد منعت الجماهير من المرور ، رماها بحجر فماتت ومر الناس فكانت كرامه للغلام كما أن الملك حاول قتل الغلام بشتي الوسائل فلم يفلح حتى رماه من جبل شاهق ولم يمت وقذفه في البحر فخرج منه يمشي ولم يمت فكان ذلك كرامة للغلام المؤمن الصالح .
3-  ما رواه ألاف العلماء وشاهدوه من أولياء وكرامات لهم تفوق الحصر . ومن ذلك ما روي أن الملائكة كانت تسلم علي عمران بن حصين رضي الله عنه وأن سلمان الفارسي و أبا الدرداء رضي الله عنهما كانا يأكلان في صحفة فسبحت الصحفة أو الطعام فيها ، وأن خبيبا رضي الله عنه كان أسيراً عند المشركين بمكة فكان يؤتي بعنب يأكله ، وليس بمكة من عنب وأن البراء ابن عازب رضي الله عنه كان إذا أقسم علي الله في شئ استجاب له حتي كان يوم القادسية أقسم علي الله أن يمكن المسلمين من رقاب المشركين وأن يكون أول شهيد في المعركة فكان كما طلب ، وأن عمر بن الخطاب رضي لاله عنه كان يخطب علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينة فإذا به يقول : يا سارية ، الجبل ! يا سارية الجبل ! يوجه قائد معركة يقال له : " سارية "  ، فسمع سارية صوتة وانحاز عمر والصحابة بما سمع من صوت و انحاز بالجيش فكان في ذلك نصرهم وانهزم أعدائهم من المشركين ورجع سارية فأخبر عمر والصحابة بما سمع صوت عمر رضي الله عنه و أن العلاء بن الحضرمي رضي الله كان يقول في دعائة : يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم ، فيستجاب له حتى إنه خاض البحر بسرية معه فلم تبتل سروج خيولهم  ، وأن الحسن البصري دعا الله علي رجل كان يؤذية فخر ميتاً في الحال و أن رجلاً من النخع كان له حمار فمات له في طريق سفره فتوضأ وصلي ركعتين ودعا الله عز وجل ، فأحيا له حماره وحمل عليه متاعه ... إلي غير ذلك من الكرامات التي لا تعد ولا تحصي والتي شاهدها الناس بل ملايين البشر
أولياء الشيطان
  كما يؤمن المسلم بأن للشيطان من الناس أولياء استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله وسول لهم الشر  وأملي لهم الباطل فأصمهم عن سماع الحق و أعمي أبصارهم عن رؤية دلائله فهم له مسخرون ولأوامره مطيعون يغريهم بالشر ويستهويهم إلي الفساد بالتزين حتى عرف لهم المنكر فعرفوه ونكر لهم المعروف فكانوا ضد أولياء الله وحرباً عليهم وعلي النقيض منهم أولئك والوا الله وهؤلاء عادوه ، أولئك أحبوا الله وأرضوه ، هؤلاء أغضبوا الله واسخطوه فعليهم لنه الله وغضبه ، ولو ظهرت علي أيديهم الخوارق كأن طاروا في السماء ، أو مشوا علي سطح الماء ، إذ ليس ذلك إلا استدراجاً من الله لمن عاداه أو عوناً من الشيطان لمن والاه ، وذلك للأدلة التالية :
1-  إخباره تعالي عنهم في قوله : ( والذين كفروا أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( البقرة : 257 ) ، وفي قوله  : ( و إن الشياطين ليوحون إلي أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون ( الأنعام : 121 ) ، وفي قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم ) الأنعام : 128 ، وفي قوله ( ومن يغش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين (36) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) الزخرف : 36-37 وفي قوله : ( إن جعلنا الشياطين أولياء الذين لا يؤمنون ) الأعراف : 30 ، وفي قوله : ( إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ٌ الأعراف :20 ، وفي قوله : ( وقضينا لهم قرناء فزينوا لهم ما من دون الله وما خلفهم ) فصلت : 25 ، وفي قوله ( و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه فتأخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو ) الكهف : 50 .
2-  أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك في قوله لما رأي نجما قد رمي به فاستنار قال مخاطباً أصحابة ( ما كنتم تقولون لمثل هذه في الجاهلية ؟ " قالوا : كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم . فقال : " إنه لا يرمي به لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا تبارك وتعالي إذا قضي أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ثم يسأل أهل السماء حملة العرش : ماذا قال ربنا ؟ فيخبرونهم ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا ، ويخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه إلي أوليائهم فما جاءوا به علي وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان فقال : ( ليسوا بشئ " فقالوا : نعم إنهم يحدثوننا أحيانا بشئ فيكون حقاً فقال : " تلك الكلمة من الق يخطفها الجن فيقرؤها في أذن وليهه فيجعلون معها مائة كذبة وفي قوله : " ما منكم من احد إلا وقد وكل به قرينه " وفي قوله : " إن الشيطان يجري من ابن آدم من العروق فضيقوا عليه مجاريه بالصوم "
3-  ما رآه وشاهدة مئات ألوف البشر من أحوال شيطانية غريبة في كل زمان ومكان تقع لأولياء لأولياء الشيطان ، فمنهم من يكلمه بالغيب ويطلعه علي بعض بواطن الأمور وخفاياها ، ومنهم من يمنع نفوذ السلاح إليه ، ومنهم من يأتيه الشيطان في صورة رجل صالح عندما يستغيث بذلك الصالح لتغريره وتضليله وحمله علي الشرك بالله ومعاصيه ، ومنهم من قد يحمله إلي بلد بعيد أو يأتيه بأشخاص أو حاجات من أماكن بعيدة ... إلي غير ذلك من الأعمال التي تقوي علي فعلها الشياطين ومردة الجان وخبثاؤهم .
     وتحصل هذه الأحوال الشيطانية نتيجة لخبث روح الآدمي بما يتعاطي من ضروب الشر و الفساد والكفر والمعاصي البعيدة عن كل حق وخير ، وإيمان تقوي وصلاح حتى يبلغ الآدمي درجة من خبث النفس وشرها يتحد فيها مع أرواح الشياطين المطبوعة علي الخبث والشر وعندئذ تتم الولاية بينه وبين الشياطين فيوحي بعضهم إلي بعض ويخدم بعضاً كل بما ييقدر عليه ولذا لما يقال لهم يوم القيامة : ( يا معشر الجن قد استكثرتهم من الأنس ) يقول أولياؤهم من الأنس : ( ربنا استمتع بعضنا ببعض ) (الأنعام : 128 )         
    وأما الفرق بين كرامة أولياء الله الربانية وبين الأحوال الشيطانية : فإن يظهر في سلوك العبد وحاله فإن كان ذوي الإيمان والتقوي المتمسكين بشريعة الله ظاهراً وباطناً فما يجري علي يديه من خارقة هو كرامة من الله تعالي له وإن كان ذوي الخبث والشر والبعد عن التقوي المنغمسين في ضروب المعاصي المتوغلين في الكفر والفساد فما يجري علي يديه من خارقة إنما هو من جنس الاستدراج أو من خدمة أوليائه من الشياطين له ومساعدتهم إياه .

في أولياء الله وكراماتهم ، وأولياء الشيطان وضلالاتهم

- أولياء الله تعالي :
  يؤمن المسلم بان الله تعالي من عبادة أولياء أستخلصهم لعبادته ، و استعلمهم في طاعته وشرفهم بمحبته وأنالهم من كرامته ، فهو وليهم يحبهم ويقربهم ، وهم أولياؤه يحبونه ويعظمونه يألتمرون بأمره وبه يأمرون وينتهون يحبون بحبه ويبغضه يبغضون ، إذا سألوه أعطاهم ، وإذا استعانوه أعانهم وأنهم هم أهل الإيمان والتقوي والكرامة والبشري في الدنيا وفي الأخري وأن كل مؤمن تقي هو لله ولي غير أنهم يتفاوتون في درجاتهم بحسب تقواهم وإيمانهم فكل من كان حظة من الإيمان والتقوي أوفي ، كانت درجته عند الله أعلي وكانت كرامته أوفر ، فسادات الأولياء هم المرسلون والأنبياء ، ومن بعدهم المؤمنون ، وأن ما يجربه الله علي أيديهم من كرامات كتكثير القليل من الطعام أو إبراد الأوجاع والأسقام أو خوض البحار أو عدم الاحتراق بالنار وما إليه ، هو من جنس المعجزات غير أن المعجزة تكون مقرونة بالتحدي والكرامة عارية عنه غير مرتبطة  به ، وأن من أعظم الكرامات الاستقامة علي الطاعات بفعل المأمورات الشرعية واجتناب المحرمات والمنهيات .
وذلك للأدلة الآتية :
1-  إخباره تعالي عن أوليائه وكرماتهم في قوله : (‏{‏أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ‏}‏، وفي قوله : ( وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ) وفي قوله سبحانه : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) يوسف : 24  ، وفي قوله تعالي ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) الإسراء : 65 ، وقوله ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أني لك هذا قالت هو من عند الله ) آل عمران : 37 ، وفي قوله : وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [الصافات:139-144].، وفي قوله : (فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (24)وهزي إليك بجدع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً (25) فكلي و اشربي وقري عيناً ) مريم : 24-26 ، وفي قوله :    ( قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً علي إبراهيم (29) وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ) الأنبياء : 69-70 ) وفي قوله : ( أم حسب أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا (9) إذ أوي الفتيه إلي الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (10) فضربنا علي آذانهم في الكهف سنين عددا (11) ثم بعثناهم ) الكهف : 9-12 .
2-  إخبار رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أولياء الله وكراماتهم : في قوله فيما يرويه عن ربه عز وجل : " من عادي لي ولياً آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألتني لأعطيته ولئن استعاذني لأعيذته ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم ( إن من عباد الله من لو أقسم علي الله لأبره " ، وفي قوله : ( لقد كان فيما كان قبلكم من الأمم  ناس محدثون فإن كان في أمتي أحد فإنه عمر ) وفي قوله صلي الله عليه وسلم : " كانت امرأة توضع ولدها فرأت رجلاً علي فرس فاره فقالت : اللهم اجعل ولدي مثل هذا ، فألتفت إليه الطفل وهو يرضع وقال : اللهم لا تجعلني مثله " ، فنطق الرضيع كرامة للولد والوالدة ... وفي قوله في جريج العابد و أمة وإذ قالت أمه : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات " فاستجاب الله لها كرامة منه تعالي لها ،وقال ولدها جريح لما أتهموه بأن ولد البغي منه :  " قال للولد الرضيع : من أبوك ؟ فقال : راعي الغنم . فنطق الرضيع كرامة لجريح العابد ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم في أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة فدعوا الله وتوسلوا إليه بصالح أعمالهم فاستجاب الله لهم وفرجها عنهم حتى خرجوا سالمين كرامة لهم وفي قوله في حديث الراهب والغلام إذ جاء فيه : أن الغلام رمي الدابة التي كانت قد منعت الجماهير من المرور ، رماها بحجر فماتت ومر الناس فكانت كرامه للغلام كما أن الملك حاول قتل الغلام بشتي الوسائل فلم يفلح حتى رماه من جبل شاهق ولم يمت وقذفه في البحر فخرج منه يمشي ولم يمت فكان ذلك كرامة للغلام المؤمن الصالح .
3-  ما رواه ألاف العلماء وشاهدوه من أولياء وكرامات لهم تفوق الحصر . ومن ذلك ما روي أن الملائكة كانت تسلم علي عمران بن حصين رضي الله عنه وأن سلمان الفارسي و أبا الدرداء رضي الله عنهما كانا يأكلان في صحفة فسبحت الصحفة أو الطعام فيها ، وأن خبيبا رضي الله عنه كان أسيراً عند المشركين بمكة فكان يؤتي بعنب يأكله ، وليس بمكة من عنب وأن البراء ابن عازب رضي الله عنه كان إذا أقسم علي الله في شئ استجاب له حتي كان يوم القادسية أقسم علي الله أن يمكن المسلمين من رقاب المشركين وأن يكون أول شهيد في المعركة فكان كما طلب ، وأن عمر بن الخطاب رضي لاله عنه كان يخطب علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمدينة فإذا به يقول : يا سارية ، الجبل ! يا سارية الجبل ! يوجه قائد معركة يقال له : " سارية "  ، فسمع سارية صوتة وانحاز عمر والصحابة بما سمع من صوت و انحاز بالجيش فكان في ذلك نصرهم وانهزم أعدائهم من المشركين ورجع سارية فأخبر عمر والصحابة بما سمع صوت عمر رضي الله عنه و أن العلاء بن الحضرمي رضي الله كان يقول في دعائة : يا عليم يا حكيم يا علي يا عظيم ، فيستجاب له حتى إنه خاض البحر بسرية معه فلم تبتل سروج خيولهم  ، وأن الحسن البصري دعا الله علي رجل كان يؤذية فخر ميتاً في الحال و أن رجلاً من النخع كان له حمار فمات له في طريق سفره فتوضأ وصلي ركعتين ودعا الله عز وجل ، فأحيا له حماره وحمل عليه متاعه ... إلي غير ذلك من الكرامات التي لا تعد ولا تحصي والتي شاهدها الناس بل ملايين البشر
أولياء الشيطان
  كما يؤمن المسلم بأن للشيطان من الناس أولياء استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله وسول لهم الشر  وأملي لهم الباطل فأصمهم عن سماع الحق و أعمي أبصارهم عن رؤية دلائله فهم له مسخرون ولأوامره مطيعون يغريهم بالشر ويستهويهم إلي الفساد بالتزين حتى عرف لهم المنكر فعرفوه ونكر لهم المعروف فكانوا ضد أولياء الله وحرباً عليهم وعلي النقيض منهم أولئك والوا الله وهؤلاء عادوه ، أولئك أحبوا الله وأرضوه ، هؤلاء أغضبوا الله واسخطوه فعليهم لنه الله وغضبه ، ولو ظهرت علي أيديهم الخوارق كأن طاروا في السماء ، أو مشوا علي سطح الماء ، إذ ليس ذلك إلا استدراجاً من الله لمن عاداه أو عوناً من الشيطان لمن والاه ، وذلك للأدلة التالية :
1-  إخباره تعالي عنهم في قوله : ( والذين كفروا أولياءهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلي الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) ( البقرة : 257 ) ، وفي قوله  : ( و إن الشياطين ليوحون إلي أوليائهم ليجادلوكم و إن أطعتموهم إنكم لمشركون ( الأنعام : 121 ) ، وفي قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم ) الأنعام : 128 ، وفي قوله ( ومن يغش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين (36) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) الزخرف : 36-37 وفي قوله : ( إن جعلنا الشياطين أولياء الذين لا يؤمنون ) الأعراف : 30 ، وفي قوله : ( إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ٌ الأعراف :20 ، وفي قوله : ( وقضينا لهم قرناء فزينوا لهم ما من دون الله وما خلفهم ) فصلت : 25 ، وفي قوله ( و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه فتأخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو ) الكهف : 50 .
2-  أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم بذلك في قوله لما رأي نجما قد رمي به فاستنار قال مخاطباً أصحابة ( ما كنتم تقولون لمثل هذه في الجاهلية ؟ " قالوا : كنا نقول : يموت عظيم أو يولد عظيم . فقال : " إنه لا يرمي به لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا تبارك وتعالي إذا قضي أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء ثم يسأل أهل السماء حملة العرش : ماذا قال ربنا ؟ فيخبرونهم ثم يستخبر أهل كل سماء حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا ، ويخطف الشياطين السمع فيرمون فيقذفونه إلي أوليائهم فما جاءوا به علي وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون ، وفي قوله صلي الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان فقال : ( ليسوا بشئ " فقالوا : نعم إنهم يحدثوننا أحيانا بشئ فيكون حقاً فقال : " تلك الكلمة من الق يخطفها الجن فيقرؤها في أذن وليهه فيجعلون معها مائة كذبة وفي قوله : " ما منكم من احد إلا وقد وكل به قرينه " وفي قوله : " إن الشيطان يجري من ابن آدم من العروق فضيقوا عليه مجاريه بالصوم "
3-  ما رآه وشاهدة مئات ألوف البشر من أحوال شيطانية غريبة في كل زمان ومكان تقع لأولياء لأولياء الشيطان ، فمنهم من يكلمه بالغيب ويطلعه علي بعض بواطن الأمور وخفاياها ، ومنهم من يمنع نفوذ السلاح إليه ، ومنهم من يأتيه الشيطان في صورة رجل صالح عندما يستغيث بذلك الصالح لتغريره وتضليله وحمله علي الشرك بالله ومعاصيه ، ومنهم من قد يحمله إلي بلد بعيد أو يأتيه بأشخاص أو حاجات من أماكن بعيدة ... إلي غير ذلك من الأعمال التي تقوي علي فعلها الشياطين ومردة الجان وخبثاؤهم .
     وتحصل هذه الأحوال الشيطانية نتيجة لخبث روح الآدمي بما يتعاطي من ضروب الشر و الفساد والكفر والمعاصي البعيدة عن كل حق وخير ، وإيمان تقوي وصلاح حتى يبلغ الآدمي درجة من خبث النفس وشرها يتحد فيها مع أرواح الشياطين المطبوعة علي الخبث والشر وعندئذ تتم الولاية بينه وبين الشياطين فيوحي بعضهم إلي بعض ويخدم بعضاً كل بما ييقدر عليه ولذا لما يقال لهم يوم القيامة : ( يا معشر الجن قد استكثرتهم من الأنس ) يقول أولياؤهم من الأنس : ( ربنا استمتع بعضنا ببعض ) (الأنعام : 128 )         
    وأما الفرق بين كرامة أولياء الله الربانية وبين الأحوال الشيطانية : فإن يظهر في سلوك العبد وحاله فإن كان ذوي الإيمان والتقوي المتمسكين بشريعة الله ظاهراً وباطناً فما يجري علي يديه من خارقة هو كرامة من الله تعالي له وإن كان ذوي الخبث والشر والبعد عن التقوي المنغمسين في ضروب المعاصي المتوغلين في الكفر والفساد فما يجري علي يديه من خارقة إنما هو من جنس الاستدراج أو من خدمة أوليائه من الشياطين له ومساعدتهم إياه .